قال المصنف رحمه الله تعالى:
تصح اليمين من كل مكلف مختار قاصد إلى اليمين لقوله تعالى " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان " وأما غير المكلف كالصبي والمجنون والنائم فلا تصح يمينه لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حتى يفيق " ولانه قول يتعلق به وجوب حق فلا يصح من غير مكلف كالبيع، وفيمن زال عقله بالسكر طريقان على ما ذكرناه في الطلاق.
وأما المكره فلا تصح يمينه لما روى واثلة بن الاسقع وأبو أمامة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال " ليس على مقهور يمين " ولانه قول حمل عليه بغير حق فلم يصح، كما لو أكره على كلمة الكفر.
وأما من لا يقصد اليمين وهو الذي يسبق لسانه إلى اليمين، أو أراد اليمين على شئ فسبق لسانه إلى غيره فلا تصح يمينه لقوله عز وجل " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " وروى
عن أبن عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أنهم قاوا " هو قول الرجل لا والله، ويلي والله " ولان ما سبق إليه اللسان من غير قصد لا يؤاخذ به، كما لو سبق لسانه إلى كلمة الكفر.
(الشرح) قوله تعالى " باللغو " مصدر لغا يلغو ويلغي وبابه نصر وعلم إذا أتى بما لا يحتاج إليه في الكلام أو بما لاخير فيه.
قال ابن بطال بما لاقصد له فيه.
وفي الحديث " إذا قلت لصاحبك والامام يخطب أنصت فقد لغوت " ولفظ أبى هريرة " فقد لغيت " قال العجاج ورب أسراب حجيج كظئم عن اللغا ورفث التكلم وقال الفرزدق: ولست بمأخوذ بلغو تقوله إذا لم تعمد عاقدات العزائم