إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ أَوْجَبَ وَضْعَ شئ عَلَيْهَا إذَا أَمْكَنَهُ لِيَمْسَحَ عَلَيْهِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَمْ أَرَ هَذَا لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَفِيهِ بُعْدٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُوجَدُ لَهُ نَظِيرٌ فِي الرُّخَصِ وَلَيْسَ لِلْقِيَاسِ مَجَالٌ فِي الرخص ولو اتبع لكان أولي شئ وَأَقْرَبُهُ أَنْ يَمْسَحَ الْجُرْحَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ بِالِاتِّفَاقِ فَوَضْعُ الْعِصَابَةِ أَوْلَى بِأَنْ لَا يَجِبَ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ كَانَ مُتَطَهِّرًا فَأَرْهَقَهُ حَدَثٌ وَوَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيه لِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرَأْسِهِ دُونَ رِجْلَيْهِ وَلَوْ لَبِسَ الْخُفَّ أَمْكَنَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ لُبْسُ الْخُفِّ لِيَمْسَحَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَدَثِ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخِي إيجَابُ ذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ عِنْدِي وَلِشَيْخِي أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ رُخْصَةٌ مَحْضَةٌ فَلَا يَلِيقُ بِهَا إيجَابُهَا وَمَا نَحْنُ فِيهِ ضَرُورَةٌ فَيَجِبُ فِيهِ الْمُمْكِنُ
هَذَا كَلَامُ الْإِمَامِ وَحَكَى الْغَزَالِيُّ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ تَرَدُّدًا وَمُرَادُهُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ احْتَاجَ إلَى الْعِصَابَةِ لِإِمْسَاكِ الدَّوَاءِ أَوْ لِخَوْفِ انْبِعَاثِ الدَّمِ عَصَبَهَا عَلَى طهر على موضع الجراحة ومالا يُمْكِنُ عَصْبُهَا إلَّا بِعُصْبَةٍ مِنْ الصَّحِيحِ فَإِنْ خاف من نزعها لم يجب نزعها بل يَجِبُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا بَدَلًا عَمَّا تَحْتَهَا مِنْ الصَّحِيحِ كَالْجَبِيرَةِ لَا عَنْ مَوْضِعِ الْجِرَاحَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ عَلَى مَوْضِعِ التَّيَمُّمِ وَجَبَ إمْرَارُ التُّرَابِ عَلَى مَوْضِعِهَا لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا خَوْفَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ غَسْلِهِ بِالْمَاءِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلْجِرَاحَةِ أَفْوَاهٌ مُفَتَّحَةٌ وَأَمْكَنَ إمْرَارُ التُّرَابِ عَلَيْهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا صَارَتْ ظَاهِرَةً قَالَ أَصْحَابُنَا وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَا أَنْ يُقَدِّمَ التَّيَمُّمَ ثُمَّ يَغْسِلَ صَحِيحَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِيَكُونَ الْغَسْلُ بَعْدَهُ مُزِيلًا آثَارَ الْغُبَارِ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ هَذَا حُكْمُ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ أَمَّا الْمُحْدِثُ إذَا كَانَتْ جِرَاحَتُهُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ أَحَدُهَا أَنَّهُ كَالْجُنُبِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ تَقْدِيمِ التَّيَمُّمِ عَلَى غَسْلِ الصَّحِيحِ وَتَأْخِيرِهِ وَتَوْسِيطِهِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْجِيمِ وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْحَاوِي قَالَ وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ الْغَسْلِ وَالثَّانِي يَجِبُ تَقْدِيمُ غَسْلِ جَمِيعِ الصَّحِيحِ وَالثَّالِثُ يَجِبُ التَّرْتِيبُ فَلَا يَنْتَقِلُ مِنْ عُضْوٍ حَتَّى يُكْمِلَ طَهَارَتَهُ مُحَافَظَةً عَلَى التَّرْتِيبِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَآخَرُونَ