قال المصنف رحمه الله تعالى:
إذا ظهرت من المرأة أمارات النشوز وعظها لقوله تعالى (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن) ولا يضربها لانه يجوز أن يكون ما ظهر منها لضيق صدر من غير جهة الزوج، وإن تكرر منها النشوز فله أن يضربها، لقوله عز وجل (واضربوهن) وان نشزت مرة ففيه قولان.
(أحدهما)
أنه يهجرها ولا يضربها، لان العقوبات تختلف باختلاف الجرائم ولهذا ما يستحق بالنشوز لا يستحق بخوف النشوز، فكذلك ما يستحق بتكرر النشوز لا يستحق بنشوز مرة.
(والثانى)
وهو الصحيح: أنه يهجرها ويضربها لانه يجوز أن يهجرها للنشوز فجاز أن يضربها كما لو تكرر منها.
فأما الوعظ فهو أن يخوفها بالله عز وجل وبما يلحقها من الضرر بسقوط نفقتها، وأما الهجران فهو أن يهجرها في الفراش لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه أنه قال في قوله عز وجل (واهجروهن في المضاجع قال: لا تضاجعها في فراشك) وأما الهجران بالكلام فلا يجوز أكثر من ثلاثة أيام، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا يَحِلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام) وأما الضرب فهو أن يضربها ضربا غير مبرح ويتجنب المواضع المخوفه والمواضع المستحسنة، لِمَا رَوَى جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اتَّقُوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بكتاب الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وان لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فان فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح) ولان القصد التأديب دون الاتلاف والتشويه.
النشوز مصدر نشز وبابه فعد وضرب، ونشزت المرأة من زوجها عصته وامتنعت عليه، ونشز الرجل من امرأته تركها وجفاها، قال تعالى (وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا) الآية، وأصله الارتفاع، يقال: نشز من