وُجُوبُ الْإِعَادَةِ وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَأَحْمَدُ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد لَا إعَادَةَ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَحَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلِأَنَّهُ صَلَّى عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَلَمْ تَلْزَمْهُ إعَادَةٌ وَلِأَنَّ النِّسْيَانَ عُذْرٌ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ فَأَشْبَهَ السَّبْعَ وَلِأَنَّهُ صَلَّى وَلَا يَعْلَمُ مَعَهُ مَاءً فَلَمْ تَلْزَمْهُ إعَادَةٌ كَمَنْ صَلَّى ثُمَّ رَأَى بِقُرْبِهِ بِئْرًا وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَكْفِي وَاجِدَ الْمَاءَ بِالِاتِّفَاقِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَرِيضًا وَنَحْوَهُ وَهَذَا وَاجِدٌ وَالنِّسْيَانُ لَا يُنَافِي الْوُجُودَ فَهُوَ وَاجِدٌ غَيْرُ ذَاكِرٍ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِالنِّسْيَانِ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَغَسْلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَكَمَرِيضٍ صَلَّى قَاعِدًا مُتَوَهِّمًا عَجَزَهُ عَنْ الْقِيَامِ وَكَانَ قَادِرًا وَكَحَاكِمٍ نَسِيَ النَّصَّ فَحَكَمَ بِالْقِيَاسِ وَكَمَنْ نَسِيَ الرَّقَبَةَ فِي الْكَفَّارَةِ فَصَامَ وَكَمَنْ كَانَ الْمَاءُ فِي إنَاءٍ عَلَى كَتِفِهِ فَنَسِيَهُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى فَإِنَّهُ يُعِيدُ بِالِاتِّفَاقِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ أَنَّ أَصْحَابَنَا وَغَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ اخْتَلَفُوا فِيهِ هَلْ هُوَ مُجْمَلٌ أَمْ عَامٌّ فَإِنْ قُلْنَا مُجْمَلٌ تَوَقَّفَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى بَيَانِ الْمُرَادِ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ وَإِنْ قُلْنَا عَامٌّ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَقَدْ خَصَّ مِنْهُ غَرَامَاتُ الْمُتْلَفَاتِ وَمَنْ صَلَّى مُحْدِثًا نَاسِيًا وَمَنْ نَسِيَ بَعْضَ أَعْضَاءِ طَهَارَتِهِ وَمَنْ نَسِيَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ وغيره ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي دَلِيلِنَا وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ فَكَذَا يَخُصُّ مِنْهُ نِسْيَانُ الْمَاءِ فِي رَحْلِهِ قِيَاسًا عَلَى نِسْيَانِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّ التَّخْصِيصَ بِالْقِيَاسِ جَائِزٌ فَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ وَنَعْتَمِدُهُ وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ فَيَقُولُونَ الْمُرَادُ رَفْعُ الْإِثْمِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ غَرَامَةِ الْإِتْلَافِ نَاسِيًا وَالْقَتْلِ خَطَأً وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَدِيثُ عَامًّا فَلَيْسَ تَخْصِيصُهُ مُنْحَصِرًا فِي رَفْعِ الْإِثْمِ فَإِنَّ أَكْلَ النَّاسِي فِي الصَّوْمِ وَكَلَامَ النَّاسِي فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ وَإِنْ كَانَ مُجْمَلًا فَيُتَوَقَّفُ فِيهِ إلَى الْبَيَانِ وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ صَلَّى عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلْزَمُهُ أَنَّهُ إنْ أَرَادُوا يَلْزَمُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا نُسَلِّمُهُ وَإِنْ أَرَادُوا فِي الظَّاهِرِ وَبِالنِّسْبَةِ إلَى اعْتِقَادِهِ فَيَنْتَقِضُ بِمَنْ نَسِيَ بَعْضَ الْأَعْضَاءِ وَعَنْ الْقِيَاسِ عَلَى السَّبْعِ أَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ فيه بخلاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015