أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَيْسَ هُنَا مَا يُعَارِضُهَا: (الْحَالُ الثَّالِثُ) أَنْ لَا يَتَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ وَلَا عَدَمَهُ وَلَهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ رَاجِيًا ظَانًّا الْوُجُودَ فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ فِي كُتُبِ الاصحاب ونص عليهما في مختصر المزني أصحهما بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّ تَقْدِيمَ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلُ وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ: وَالثَّانِي التَّأْخِيرُ أَفْضَلُ وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْإِمْلَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَدَلِيلُهُمَا يُعْرَفُ مِمَّا سَبَقَ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَشُكَّ فَلَا يَتَرَجَّحُ الْوُجُودُ عَلَى الْعَدَمِ وَلَا عَكْسُهُ فَطَرِيقَانِ قَطَعَ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ بِأَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي الرَّجَاءِ وَالظَّنِّ مِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالشَّيْخُ
أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَآخَرُونَ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْجَزْمُ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَعِبَارَةُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ والغزالي والمتولي وآخرين ان كان يطن وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ يَرْجُو فَفِيهِ قَوْلَانِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلشَّكِّ وَأَمَّا الرَّافِعِيُّ فَجَزَمَ فِي صُورَةِ الشَّكِّ بالتقديم قولا واحد قَالَ وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ إذَا كَانَ يَظُنُّ قَالَ وَرُبَّمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ ذِكْرُ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا لَمْ يَظُنَّ الْوُجُودَ وَلَا الْعَدَمَ وَلَا وُثُوقَ بِهِ وَلَعَلَّ ذَاكَ الْقَائِلَ أَرَادَ بِالظَّنِّ الْيَقِينَ وَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ نَقْلِ الْقَوْلَيْنِ فِي حَالِ الشَّكِّ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ مَرْدُودٌ فَقَدْ صَرَّحَ بِالْقَوْلَيْنِ فِي حَالَةِ الشَّكِّ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي التَّجْرِيدِ فَقَالُوا لَوْ كَانَ لَا يَعْلَمُ وُجُودَ الْمَاءِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَلَا عَدَمَهُ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ أَقْوَى مِنْ الآخر ففيه القولان هذا لفظ وهؤلاء الثلاثة هم شُيُوخُ الْمَذْهَبِ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُمْ وَهُوَ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَآخَرِينَ فِي قَوْلِهِمْ وَإِنْ كَانَ يَشُكُّ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ هَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَأَمَّا مَنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ صَلَّى بِالْوُضُوءِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ فِي آخِرِهِ فَهُوَ النِّهَايَةُ فِي تَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
اخْتَلَفَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى أَثْنَائِهِ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ فَقَطَعَ أَبُو الْقَاسِمِ الدَّارَكِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَآخَرُونَ مِنْ كِبَارِ الْعِرَاقِيِّينَ بِاسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ وَتَفْضِيلِهِ عَلَى فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَطَعَ أَكْثَرُ الْخُرَاسَانِيِّينَ بِأَنَّ تَقْدِيمَ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا أَفْضَلُ وَنَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَنَقَلَ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إنْ رَجَا الْجَمَاعَةَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْهَا فَفِي اسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ وَحَكَى