وَبِهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا قَالَ جَمَاهِيرُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حنيفة يلزمه شراؤه بالغبن اليسير وقال حسن البصري يلزمه شراه بِكُلِّ مَالِهِ
* وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* هَذَا إذَا وَجَدَ ثَمَنَ الْمَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَإِنْ وَجَدَهُ وَلَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِدِينٍ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ نَفَقَتِهِ أَوْ نَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ عِيَالِهِ أَوْ مَمْلُوكِهِ أَوْ حَيَوَانِهِ الْمُحْتَرَمِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُؤَنِ السَّفَرِ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ مِنْ مَأْكُولِهِ وَمَشْرُوبِهِ وَمَلْبُوسِهِ وَمَرْكُوبِهِ لَمْ يَجِبْ صَرْفُهُ فِي الْمَاءِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ هَذِهِ الْحَاجَاتِ لَزِمَهُ صَرْفُهُ فِي الْمَاءِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ مَالُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَاءٌ وَلَا ثَمَنُهُ وَوَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ الْمَاءَ وَجَبَ قَبُولُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ حَكَاهُ الْبَغَوِيّ وَلَوْ أَقْرَضَهُ ثَمَنَ الْمَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ قَطَعَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ بِالْوُجُوبِ
وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُطَالِبَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَالِهِ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يَبِيعُهُ الْمَاءَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شِرَاؤُهُ بِلَا خِلَافٍ وان كان فوجهان الصحيح يلزمه شراه وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ مِمَّنْ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْفُورَانِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَالشَّيْخُ نَصْرٌ وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَازِمٌ فَلَا مُطَالَبَةَ قَبْلَ حُلُولِهِ بِخِلَافِ الْقَرْضِ وَشَذَّ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَطَعَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ بِمُؤَجَّلٍ وَإِنْ كَانَ مَالِكًا لِلثَّمَنِ فِي بَلَدِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُتْلِفَ مَالَهُ فَيَبْقَى الدِّينُ عَلَيْهِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ وَاخْتَارَهُ الشَّاشِيُّ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مُمْتَدًّا إلَى أَنْ يَصِلَ بَلَدَ مَالِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُزَادَ فِي الثَّمَنِ بِسَبَبِ الْأَجَلِ مَا يليق به أولا يُزَادُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إذَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ النَّقْدِ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ فَإِنْ قِيلَ لِمَ قَطَعْتُمْ هُنَا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ بِمُؤَجَّلٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ وَقُلْتُمْ فِيمَنْ لَا يَجِدُ طَوْلَ حُرَّةٍ وَوَجَدَ حُرَّةً تَرْضَى بِمَهْرٍ مُؤَجَّلٍ لَا يُبَاحُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ فِي وَجْهٍ فَالْجَوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ فِي النِّكَاحِ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ