فَإِنْ كَانَ سَبَقَ لَهُ طَلَبٌ وَتَيَمَّمَ وَأَرَادَ تَيَمُّمًا آخَرَ لِبُطْلَانِ الْأَوَّلِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لِفَرِيضَةٍ أُخْرَى أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الطَّلَبِ يَنْظُرُ فَإِنْ احْتَمَلَ وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ حُصُولُ الْمَاءِ بِأَنْ انْتَقَلَ مِنْ مَوْضِعِ التَّيَمُّمِ أَوْ طَلَعَ رَكْبٌ أَوْ سَحَابَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَجَبَ الطَّلَبُ بِلَا خلاف على حَسْبِ مَا تَقَدَّمَ فَكُلُّ مَوْضِعٍ تَيَقَّنَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا مَاءَ فِيهِ وَلَمْ يَحْتَمِلْ حُدُوثُ مَاءٍ فِيهِ لِهَذَا السَّبَبِ لَا يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْهُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَاَلَّذِي ظَنَّ أَنْ لَا مَاءَ فِيهِ يَجِبُ الطلب منه بِلَا خِلَافٍ إلَّا عَلَى الْوَجْهِ الشَّاذِّ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ عَنْ صَاحِبِ الْإِبَانَةِ: وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ حُدُوثُ مَاءٍ وَلَمْ يُفَارِقْ مَوْضِعَهُ فَإِنْ كَانَ تَيَقَّنَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا مَاءَ فَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْهُ بَلْ ظَنَّ الْعَدَمَ فانه يكفى لك فِي الْأَوَّلِ فَهَلْ يَحْتَاجُ فِي الثَّانِي إلَى إعَادَةِ الطَّلَبِ: فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ لِلْخُرَاسَانِيَّيْنِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِ يَحْتَاجُ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْعِرَاقِيِّينَ بَلْ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ كَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيِّ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ مَاءٌ مِنْ بِئْرٍ خَفِيَتْ أَوْ بِدَلَالَةِ شَخْصٍ فَعَلَى هَذَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا يَكُونُ الطَّلَبُ
الثَّانِي أَخَفَّ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَا يَجِبُ أَنْ يَطْلُبَ ثَانِيًا مِنْ رَحْلِهِ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنْ لَا مَاءَ فِيهِ عِلْمَ إحَاطَةٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَإِذَا طَلَبَ ثَانِيًا وَصَلَّى ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى وَجَبَ الطَّلَبُ لَهَا ثَالِثًا وَهَكَذَا كُلَّمَا حَضَرَتْ صَلَاةٌ قَالَ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ فَوَائِتُ تَيَمَّمَ لِلْأُولَى وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلثَّانِيَةِ إلَّا بَعْدَ طَلَبٍ ثَانٍ (?) وَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَطْلُبَ لِلثَّالِثَةِ وَمَا بَعْدَهَا قَالَ وَكَذَا إذَا أَرَادَ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ طَلَبَ لِلثَّانِيَةِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِيهِ نَظَرٌ (فَرْعٌ)
يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِلْمُتَيَمِّمِ وَإِذَا أَوْجَبْنَا الطَّلَبَ ثَانِيًا لَا يَضُرُّ التَّفْرِيقُ بِهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِأَنَّهُ خَفِيفٌ وَفِيهِ وَجْهٌ مَشْهُورٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمُتَيَمِّمِ لِحُصُولِ الْفَصْلِ بِالطَّلَبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الْمَذْهَبِ وَالدَّلِيلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِالْإِقَامَةِ وَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَالتَّيَمُّمُ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ أَوْلَى قَالُوا وَلِأَنَّا لَا نُكَلِّفُهُ فِي الطَّلَبِ إلَّا أَنْ يَقِفَ مَوْضِعَهُ وَيَلْتَفِتَ عَنْ جَوَانِبِهِ وَهَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْجَمْعِ
* وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي طَلَبِ الْمَاءِ
* قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا وُجُوبُ الطلب إذا عدم الماء