يقال لم يجد الا بعد الطلب ولانه بدل أجيز عند عدم المبدل فلا يجوز فعله الا بعد ثبوت العدم كالصوم في الكفارة لا يفعله حتى يطلب الرقبة ولا يصح الطلب الا بعد دخول الوقت لانه انما يطلب ليثبت شرط التيمم وهو عدم الماء فلم يجز في وقت لا يجوز فيه فعل التيمم والطلب أن ينظر عن يمينه وشماله وأمامه ووراءه فان كان بين يديه حائل من جبل أو غيره صعده ونظر حواليه وان كان معه رفيق سأله عن الماء]
* [الشَّرْحُ] فِي الْفَصْلِ مَسَائِلُ إحْدَاهَا لَا يَجُوزُ لِعَادِمِ الْمَاءِ التَّيَمُّمُ إلَّا بَعْدَ طَلَبِهِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَدَاوُد وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ ظَنَّ بِقُرْبِهِ مَاءً لَزِمَهُ طَلَبُهُ وَإِلَّا فَلَا وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّهُ عَادِمٌ لِلْأَصْلِ فَانْتَقَلَ إلَى بَدَلِهِ كَمَا لَوْ عَدِمَ الرَّقَبَةَ فِي الْكَفَّارَةِ يَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى (فَلَمْ تجدوا) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ لَا يُقَالُ لَمْ يَجِدْ إلَّا لِمَنْ طَلَبَ فَلَمْ يُصِبْ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَطْلُبْ فَلَا يُقَالُ لَمْ يَجِدْ وَنَقَلُوا هَذَا عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالُوا وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ اشْتَرِ لِي رُطَبًا فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَعِنَبًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْعِنَبَ قَبْلَ طَلَبِ الرُّطَبِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيُ فِي التَّمَتُّعِ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَقَلُ إلَى بَدَلِهِمَا إلَّا بَعْدَ طَلَبِهِمَا فِي مَظَانِّهِمَا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْقِيَاسِ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ النَّصِّ فِي مَظَانِّهِ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ قَدْ يُصَادَفُ بِالطَّلَبِ فَوَجَبَ طَلَبُهُ كَالْقِبْلَةِ: وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الرَّقَبَةِ فَرَدَّهُ أَصْحَابُنَا وَقَالُوا لَا يَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الرَّقَبَةِ
فِي مَظَانِّهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) هَذَا الَّذِي أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْقَطْعِ بِوُجُوبِ الطَّلَبِ بِكُلِّ حَالٍ هُوَ الَّذِي أَطْلَقَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَبَعْضُ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقَالَ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ إنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الْمَاءِ حَوَالَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَبُ وَبِهَذَا قَطَعَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ فِيهِ وَجْهَيْنِ: قَالَ الرَّافِعِيُّ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الطَّلَبُ: قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إنَّمَا يَجِبُ الطَّلَبُ إذَا تَوَقَّعَ وُجُودَ الْمَاءِ تَوَقُّعًا قَرِيبًا أَوْ مُسْتَبْعَدًا فَإِنْ قَطَعَ بِأَنْ لَا مَاءَ هُنَاكَ بِأَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ رِمَالِ الْبَوَادِي فَيَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ اسْتِحَالَةَ وُجُودِ مَاءٍ لَمْ نُكَلِّفهُ التَّرَدُّدَ لِطَلَبِهِ لِأَنَّ طَلَبَ مَا يُعْلَمُ اسْتِحَالَةُ وُجُودِهِ مُحَالٌ ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ هُوَ فِيمَا إذَا تَيَقَّنَ أَنْ لَا مَاءَ هُنَاكَ فَأَمَّا إذَا ظَنَّ الْعَدَمَ وَلَمْ يَتَيَقَّنْهُ فَيَجِبُ الطَّلَبُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَصَرَّحُوا كُلُّهُمْ بِهِ الاصحاب الا بانة فَإِنَّهُ حَكَى فِيهِ وَجْهَيْنِ وَأَنْكَرَهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ