(فَرْعٌ)
هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْجَصَّ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَقْطُوعُ بِهِ فِي طُرُقِ الْأَصْحَابِ وَشَذَّ وَأَغْرَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَيْضَاوِيُّ فَحَكَى فِي كِتَابِهِ شَرْحِ التَّبْصِرَةِ لَهُ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ بِالْجَصِّ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا يَجُوزُ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ مُحَرَّقًا لَمْ يَجُزْ والا جاز وبهذا الثلث قَطَعَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالْبَحْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ.
(الْخَامِسَةُ) التُّرَابُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيهِ صُوَرٌ إحْدَاهَا أَنْ يَلْصَقَ بِالْعُضْوِ ثُمَّ يُؤْخَذَ مِنْهُ فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمْ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا هَذَا وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِخِلَافِ الْمَاءِ وَاخْتَارَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي تَدْرِيسِهِ (?) أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَلْتَفِتُ عَلَى أَنَّ سَبَبَ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْمَاءِ هُوَ انْتِقَالُ الْمَنْعِ أَمْ تَأَدِّي الْعِبَادَةِ (الثَّانِيَةُ) أَنْ يُصِيبَ الْعُضْوَ ثُمَّ يَتَنَاثَرَ مِنْهُ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَهُمَا أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ لا يجوز التيمم صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ والفوراني وامام الحرمين وابن الصباغ والبغوى وصاحب العمدة وَآخَرُونَ وَقَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْوَجْهُ الْآخَرُ غَلَطٌ (الثَّالِثَةُ) أَنْ يَتَسَاقَطَ عَنْ الْعُضْوِ وَلَمْ يَكُنْ لَصِقَ بِهِ وَلَا مَسَّهُ بَلْ لَاقَى مَا لَصِقَ بِالْعُضْوِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ كَالْبَاقِي عَلَى الْأَرْضِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ وَلَا مَعْنَى لِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْفَصْلِ (إحْدَاهَا) قَالَ أَصْحَابُنَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ التُّرَابِ مِنْ الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ وَالْأَعْفَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ التُّرَابُ الْمَأْكُولُ وَغَيْرُهُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَفِي الْبَيَانِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالتُّرَابِ الْأَرْمَنِيِّ وَلَا بِالْمَأْكُولِ وليس بشئ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالصَّعِيدُ التُّرَابُ مِنْ كُلِّ أَرْضٍ سَبَخِهَا وَمَدَرِهَا وَبَطْحَائِهَا وَغَيْرِهَا وَقَالَ فِي الْأُمِّ وَلَا يُتَيَمَّمُ بِبَطْحَاءَ رَقِيقَةً كَانَتْ أَوْ غَلِيظَةً قَالَ أَصْحَابُنَا السَّبْخَةُ التُّرَابُ الَّذِي فِيهِ مُلُوحَةٌ وَلَا يُنْبِتُ فَالتَّيَمُّمُ به جائز وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَّهُمَا مَنَعَاهُ لقول تعالى (صعيدا طيبا) ودلينا أن النبي صلي الله