وَالثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ: وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا ثَلَاثُ ضَرْبَاتٍ ضَرْبَةٌ لِوَجْهِهِ وَضَرْبَةٌ لِكَفَّيْهِ وَضَرْبَةٌ لِذِرَاعَيْهِ: وَقَالَ آخَرُونَ الْوَاجِبُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَطَاءٍ وَمَكْحُولٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَبِهِ أَقُولُ وَبِهِ: قَالَ دَاوُد وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ عَامَّةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ: وَأَمَّا قَدْرُ الْوَاجِبِ مِنْ الْيَدَيْنِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ كَمَا سَبَقَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ عَطَاءٌ وَمَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ إلَى الْكَفَّيْنِ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ مَسْحُهُمَا إلَى الْإِبِطَيْنِ وَمَا أَظُنُّ هَذَا يَصِحُّ عَنْهُ وَقَدْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُ مَا وَرَاءَ الْمِرْفَقَيْنِ: وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ بِحَدِيثِ عَمَّارٍ قَالَ أَجْنَبْت فَتَمَعَّكْت فِي التُّرَابِ وَصَلَّيْت فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنَّمَا كَانَ يَكْفِيك هَكَذَا فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ فَنَفَخَ فِيهِمَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ: وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ لَا يَظْهَرُ الِاحْتِجَاجُ بِهَا فَتَرَكْتهَا وَأَقْرَبُهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِغَسْلِ الْيَدِ إلَى الْمِرْفَقِ فِي الْوُضُوءِ وَقَالَ فِي آخِرِ الْآيَةِ (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَوْصُوفَةُ أَوَّلًا وَهِيَ الْمِرْفَقُ وهذا المطلق محمول على ذلك المقيد لاسيما وهى آية واحدة وذكر الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الدَّلِيلَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَقَالَ كَلَامًا مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ طَهَارَةَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْوُضُوءِ فِي أَوَّلِ الآية ثم أسقط منها عضوين في الآية فِي آخِرِ الْآيَةِ فَبَقِيَ الْعُضْوَانِ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى مَا ذُكِرَا فِي الْوُضُوءِ إذْ لَوْ اخْتَلَفَا لَبَيَّنَهُمَا وَقَدْ أَجْمَعَ
الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ يُسْتَوْعَبُ فِي التَّيَمُّمِ (?) كَالْوُضُوءِ فَكَذَا الْيَدَانِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ مَعْرِفَةُ السُّنَنِ وَالْآثَارِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا مَنَعَنَا أَنْ نأخذ برواية عَمَّارٍ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ثُبُوتُ الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَأَنَّ هَذَا أَشْبَهُ بِالْقُرْآنِ وَالْقِيَاسُ