بين كتفيك تقلدتها أو تعلقتها) وفى هذه الطريق بقية بن الوليد، وقد تكلم فيه جماعة ووثقة الجمهور إذا روى عن الثقات، وقد أورد ابن حجر حديث عبادة هكذا في كتاب النفقات من تخليص الحبير وتكلم عليه، وفى هذا المعنى ورد عن معاذ عند الحاكم والبزار بنحو حديث أبى، وعن أبى الدرداء عند الدارمي بإسناد على شرط مسلم بنحوه أيضا.
وقد استدل بهذه الاحاديث القائلون بعدم جواز الاجرة على تعليم القرآن كاحمد بن حنبل واصحابه وأبى حنيفة، وبهذا قال عطاء والضحاك بن قيس والزهرى واسحاق بن راهوية وعبد الله بن شقيق، وذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية إلى أنها تحل الاجرة على تعليم القرآن، وأجابوا عن هذه الاحاديث بأجوبة منها ان حديثى عبادة وأبى قضيتان في عين فيحتمل أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أنهما فعلا ذلك خالصا لله فكره أخذ العوض عنه، وأما من علم القرآن على أنه لله وأن يأخذ من المتعلم ما دفعه إليه بغير سؤال ولا استشراف نفس فلا بأس به.
وقد استدلوا على الجواز بحديث سهل بن سعد عند الشيخين (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَتْهُ امرأة فقالت: يا رسول الله إنى قد وهبت نفسي لك فقامت قياما طويلا، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها ان لم يكن لك بها حاجة فقال صلى الله عليه وسلم: هل عندك من شئ تصدقها إياه؟ فقال: ما عندي الا إزارى هذه، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ أعطيتها إزارك، جلست لا إزار لك فالتمس شيئا فقال، ما اجد شئا فقال: التمس ولو خاتما من حديد فالتمس فلم يجد شيئا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل معك من القران شئ؟ فقال: نعم سورة كذا وسورة كذا يسميها، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ زوجتكها بما معك من القرآن) وفى رواية (قد ملكتكها بما معك من القرآن) ولمسلم (زوجتكها تعلمها القرآن) وفى رواية لابي داود (علمها عشرين آية وهي امرأتك) ولاحمد (قد أنكحتكها على ما معك من القرآن)