كَقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى صحف ابراهيم) والابتداء قَوْله تَعَالَى (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وَقَوْلُهُ وَيُحَلِّقُ هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ يُدِيرُهُ كَالْحَلْقَةِ وَالْمَسْرُبَةُ هُنَا مَجْرَى الْغَائِطِ وَهِيَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَقِيلَ يَجُوزُ فَتْحُهَا وَلِلْمَسْرُبَةِ مَعْنًى آخَرُ فِي اللُّغَةِ وَهِيَ الشَّعْرُ المستدق من السرة الي العانة: وجماء ذكرها في الحديث وليست مرادة هنا: أما حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَفِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِنْجَاءِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا يُمِرُّ حَجَرًا مِنْ مُقَدَّمِ الصَّفْحَةِ الْيُمْنَى وَيُدِيرُهُ عَلَيْهَا ثُمَّ عَلَى الْيُسْرَى حَتَّى يَصِلَ الْمَوْضِعَ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ ثُمَّ يُمِرُّ الْحَجَرَ الثَّانِيَ مِنْ أَوَّلِ الصَّفْحَةِ الْيُسْرَى إلَى آخِرِهَا ثُمَّ عَلَى الْيُمْنَى حَتَّى يَصِلَ مَوْضِعَ ابْتِدَائِهِ ثم يمر الثالث عَلَى الْمَسْرُبَةِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: الثاني يَمْسَحَ بِحَجَرٍ الصَّفْحَةَ الْيُمْنَى وَحْدَهَا ثُمَّ بِحَجَرٍ الْيُسْرَى وَحْدَهَا وَبِالثَّالِثِ الْمَسْرُبَةَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ
الْمَرْوَزِيُّ: وَالثَّالِثُ يَضَعُ حَجَرًا عَلَى مُقَدَّمِ الْمَسْرُبَةِ وَيُمِرُّهُ إلَى آخِرِهَا ثُمَّ حَجَرًا عَلَى مؤخر الْمَسْرُبَةِ وَيُمِرُّهُ إلَى أَوَّلِهَا ثُمَّ يُحَلِّقُ بِالثَّالِثِ حَكَاهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ غَرِيبٌ: وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْمَحِلَّ بِكُلِّ حَجَرٍ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبَا الشَّامِلِ وَالتَّتِمَّةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ غَلَّطُوا أَبَا إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيَّ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَنَقَلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْكَبِيرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ لَكِنَّ الْأَصْحَابَ تَأَوَّلُوهُ وَعَلَى هَذَا الْجَوَابِ عَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَرَيْنِ لِلصَّفْحَتَيْنِ مَعْنَاهُ كُلُّ حَجَرٍ لِلصَّفْحَتَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْخِلَافِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ خِلَافٌ فِي الْأَفْضَلِ وَأَنَّ الْجَمِيعَ جَائِزٌ: وَبِهَذَا قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ وَحَكَى الْخُرَاسَانِيُّونَ وَجْهًا أَنَّهُ خِلَافٌ فِي الْوُجُوبِ فَصَاحِبُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يُجِيزُ الْكَيْفِيَّةَ الثَّانِيَةَ وَصَاحِبُ الثَّانِي لَا يُجِيزُ الْأُولَى وَهَذَا قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ: وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي دَرْسِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ لَا يُجِيزُ الثاني ومن قال بالثاني يُجِيزُ الْأَوَّلَ (?) قَالَ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ احْتَاجَ إلَى استعمال