الشَّافِعِيَّ عَضَّدَ قَوْلَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بما ذكره من مفارقة الحيوان لغيره وعلى هذا الوجه لا يحتاج إلى ذلك وأيضا لو كان كذلك لما سماه تقليد وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مَشَى عَلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ إذَا انْتَشَرَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ يَكُونُ كَالْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ وَفِيهِ نِزَاعٌ فَإِنَّهُ أَنْزَلَ رُتْبَةً مِمَّا يَتَحَقَّقُ فِيهِ سُكُوتُ الْبَاقِينَ
(وَإِنْ قُلْنَا) بأن الاجماع في السكوت حجة لاسيما هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعَ الِاحْتِمَالِ الْقَوِيِّ فِي مُخَالَفَةِ ابْنِ عُمَرَ وَوُرُودِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ وَعَنْ زَيْدٍ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَتْ ضعيفة فان ذلك يخرم الظن بعدم المخالف - وَذَكَرَ الْإِمَامُ هَهُنَا مُعْتَرِضًا عَلَى التَّمَسُّكِ بِهَذَا الْوَجْهِ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ (الْوَجْهُ الثَّانِي) مِنْ الِاسْتِدْلَالِ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَشَارَ إلَيْهِ مِنْ اعْتِضَادِ قَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْقِيَاسِ وَمِثْلُ هَذَا يَكُونُ حُجَّةً عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْقَدِيمِ فَلِأَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ يُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ - وَأَمَّا عَلَى الْجَدِيدِ فَلِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ مَعَ الْقِيَاسِ الضَّعِيفِ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْمَاوَرْدِيُّ بِقِيَاسِ التَّقْرِيبِ يُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ الْقَوِيِّ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْمَاوَرْدِيُّ بِقِيَاسِ التَّحْقِيقِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالضَّعِيفِ الَّذِي لَا تَجْتَمِعُ فِيهِ شُرُوطُ الْقِيَاسِ فَيُشْكَلُ اعْتِضَادُ مَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ بِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَيَأْتِي فِيهِ الْبَحْثُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْمُرْسَلِ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ أَوْ الَّذِي اجْتَمَعَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْقِيَاسِ لَكِنَّهُ خفى لو انقرد يُقَدَّمُ الْقِيَاسُ الْقَوِيُّ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادَ وَقَدْ فَسَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مُرَادَهُ بِقِيَاسِ التَّقْرِيبِ وَقِيَاسِ التَّحْقِيقِ وَهَهُنَا مَبَاحِثُ (أَحَدُهَا) أَطْلَقَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ هُنَا أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ عَلَى الْقَدِيمِ حُجَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقِيَاسِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ ذَلِكَ مُطْلَقٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْمُنْتَشِرِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ خِلَافُهُ وَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْقَدِيمِ مَنْقُولَانِ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ - وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إنَّهُ فِي الْقَدِيمِ حُجَّةٌ وَفِي الْجَدِيدِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إلَّا أَنْ ينتشر