الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الْجِنَايَةَ آكَدُ مِنْ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ إذَا جَنَى بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ وَبَطَلَ الرَّهْنُ فَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ فَالْجِنَايَةُ أَوْلَى وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ عَنْ إلْزَامِ الْمُزَنِيِّ لِلشَّافِعِيِّ بِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ قَوْلَانِ (فَإِنْ قلنا) البيع جائز فالعتق أول (وَإِنْ قُلْنَا) الْبَيْعُ لَا يَجُوزُ فَفِي الْعِتْقِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي فِي الْمَرْهُونِ فَلَيْسَ الْعِتْقُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهِ (قُلْتُ) وَهَذَا الْجَوَابُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُزَنِيَّ مَا أَرَادَ قِيَاسَ الْبَيْعِ عَلَى الْعِتْقِ ابْتِدَاءً مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ حَتَّى يُرَدَّ عَلَيْهِ بِالْخِلَافِ فِيهِ بَلْ لَمَّا قَاسَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ اسْتَدَلَّ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ يُجَوِّزُهُ فَأَلْزَمَهُ بِتَجْوِيزِ الْبَيْعِ وَالطَّرِيقُ فِي الْجَوَابِ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَائِلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَرَى الْعِتْقَ جَائِزًا فَشَبَّهَ بِهِ الْبَيْعَ إمَّا بِطَرِيقِ التَّشْبِيهِ وَإِمَّا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عِنْدَ ذَلِكَ الْقَائِلِ وَالشَّافِعِيُّ قَدْ قَالَ إنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ قَوْلُهُ وَسَكَتَ عَنْ الْعِتْقِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنَّهُ هُوَ جَازِمٌ أَوْ مُرَجِّحٌ لِجَوَازِ الْعِتْقِ حَتَّى يَلْزَمَ بِهِ وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ الْأَصْحَابِ بِجَوَابِهِ (وَأَمَّا) قَوْلُ الْمُزَنِيِّ إنَّ الشَّافِعِيَّ سَوَّى بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فِي الرَّهْنِ فِي الْإِبْطَالِ فَلْيُسَوِّ بَيْنَهُمَا هُنَا يَعْنِي وَقَدْ قَالَ بِصِحَّةِ الْعِتْقِ فَلْيَقُلْ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ لِتَحْصُلَ التَّسْوِيَةُ وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ بِجَوَابَيْنِ

(أَحَدُهُمَا)

أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَهُمَا فِي الرَّهْنِ بَلْ خَالَفَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْبَيْعَ فِي الْمَرْهُونِ يَبْطُلُ قَوْلًا وَاحِدًا وَفِي عتقه ثلاثة أقوال فكذا بِحَيْثُ يَخْتَلِفُ هَذَا الْجَوَابُ (الثَّانِي) أَنَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ بِالْعَكْسِ وَلَا يَلْزَمُ الْجَوَابُ عَنْهُ هَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قِيَاسَ الْعَكْسِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الْجَانِي لَمَا صَحَّ عِتْقُهُ كَالرَّهْنِ فَإِنَّا نَقِيسُ الْجَانِيَ عَلَى الْمَرْهُونِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا إمَّا فِي الْمَنْعِ وَلَمْ نَقُلْ بِهِ لِتَجْوِيزِهِ الْعِتْقَ فَلِيَكُنْ فِي الْجَوَازِ وَأَجَابَ هَذَا أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ تَصْرِيحٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بِجَوَازِ الْعِتْقِ - قَالَ الْأَصْحَابُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْعِتْقِ جَوَازُ

الْبَيْعِ لِأَنَّ الْآبِقَ وَالْمَغْصُوبَ وَالْمَجْهُولَ وَالْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَجُوزُ عِتْقُهُمْ ولا يجوز بيعهم وقال الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ قِيَاسَ الْعَكْسِ قَالَ بِهِ أَكْثَرُ الفقهاء وان خالفهم أكثر المتكلمين وهو اثبات بعض حكم الاصل في الفرع باعتبار علة (قُلْتُ) وَمَنْ الْمَانِعِينَ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بِقِيَاسِ الْعَكْسِ أبو حامد الاسفراينى كذلك نقل عنه أبو الوليد التاجى فِي الْأُصُولِ فَلِذَلِكَ مُنِعَ هُنَا عَلَى طَرِيقَتِهِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْتَدِّ بِأَنَّ الْمُرْتَدَّ مَمْلُوكٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً وَاسْتَحَقَّ بِهَا عُقُوبَةَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَزُلْ بِهَا مِلْكُ الْمَالِكِ عَنْهُ وَلَا تَدْفَعُ الْمُزَاحَمَةَ فِيمَا يَحْدُثُ بِالشِّرَاءِ وَهُوَ الْمِلْكُ لِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِمَالِكِهِ يعني والمستحق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015