مرادهم أنه لا يلزم الْبَائِعُ بِتَسْلِيمِهَا لَكِنَّ الْعِبَارَةَ لَا تُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنَى وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي كَانَ ذَلِكَ سَالِمًا فِي الصُّبْرَةِ وَلَكِنْ فِي الثَّوْبِ وَالْأَرْضِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَكُونُ قَدْ وَرَدَ عَلَى مُبْهَمٍ مجهول فيكون
باطلا من أصله ولا ينجبر ذَلِكَ بِرِضَاءِ الْبَائِعِ بِتَسْلِيمِ الْجَمِيعِ فَطَرِيقُ الْخَلَاصِ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ بِمَا سَيَأْتِي عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الصِّحَّةِ يَصِحُّ فِي جُزْءٍ شَائِعٍ لَكِنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا ذَكَرَ الثَّمَنَ مُفَصَّلًا لَا مُجْمَلًا أَمَّا إذَا ذَكَرَهُ مُجْمَلًا فَسَيَأْتِي وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ عِنْدَ زِيَادَةِ الْمُتَقَوِّمِ فَهَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ عِنْدَ التَّشَاحُحِ لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ إنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَسْبَقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فَعِلَّةُ الْمُصَنِّفِ لا تقتضي ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إجْبَارُ الْبَائِعِ وَلَا إجْبَارُ الْمُشْتَرِي وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُمَا إذَا تَرَاضَيَا صَحَّ وَأَقَرَّ الْعَقْدَ كَمَا قَالَ هُوَ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ فِي بَيْعِ الصُّبْرَةِ بِالصُّبْرَةِ كَيْلًا بِكَيْلٍ إذَا خَرَجَتَا مُتَفَاضِلَتَيْنِ وَلَيْسَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْزِلَ الْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ طَرْدُهُ في شئ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَيَنْزِلُ قَوْلُ الصِّحَّةِ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ ثُمَّ يَسْتَرْجِعُ الْبَائِعَ في المثلى إن شاء الزيادة بغير تقيسط وَفِي الْمُتَقَوِّمِ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِرْجَاعُ الزِّيَادَةِ وَحْدَهَا فَيَفْسَخُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي ذَلِكَ وَأَظُنُّهُ صَوَابًا وَإِنْ كَانَ الْأَسْبَقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافَهُ
* (فَائِدَةٌ)
* قَدْ نَبَّهْتُ بِمَا تَقَدَّمَ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي اقْتَضَى الْإِجَازَةَ هَهُنَا فِي الْمُتَقَوِّمِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ أَخَوَاتِهِ مِنْ صُوَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَعَلَى أَنَّهُ فِي الْمِثْلِيِّ يُجِيزُ بِالْقِسْطِ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ بِخِلَافِ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يُجِيزُ بِالْكُلِّ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمِثْلِيِّ بِخِلَافِهِ
* (فَائِدَةٌ أُخْرَى)
* صُورَةُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَيْسَتْ عَلَى إطْلَاقِهَا بَلْ هِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ (أَحَدُهَا) أَنْ يَذْكُرَ الثَّمَنَ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ كَقَوْلِهِ بعتك هذه الأرض بعشرة دراهم على أنها عَشْرُ أَذْرُعٍ فَالْحُكْمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (الثَّانِيَةُ) أَنْ يَذْكُرَهُ مُفَصَّلًا وَلَا يَذْكُرُهُ مُجْمَلًا كَقَوْلِهِ بعتك هذه الارض عَلَى أَنَّهَا عَشْرُ أَذْرُعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَقَدْ ذَكَرَهَا صَاحِبُ التَّتِمَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ومثل بالارض والثوب والقطيع وقال المارودى فِي الْأَرْضِ وَالثَّوْبِ إنْ خَرَجَتْ تِسْعَةً ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ بِحِسَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ وَالصَّحِيحُ خلافه وانه يجيز بكل لثمن قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ خَرَجَتْ أَحَدَ عَشَرَ فَقَوْلَانِ
(أَحَدُهُمَا)
يَبْطُلُ الْعَقْدُ
(وَالثَّانِي)
يَصِحُّ فِي عَشْرَةٍ وَيَكُونُ الْبَائِعُ شَرِيكًا بِالْبَاقِي عَلَى الْإِشَاعَةِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي هَذَا أَيْضًا مُوَافِقٌ لِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ الزِّيَادَةَ تَكُونُ لِلْبَائِعِ وَفِيهِ مَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْقَائِلَ بِذَلِكَ