الشُّهُودِ وَيَصِيرُ قَبْضُ الثَّمَنِ مَوْقُوفًا عَلَى عَوْدِ الْعَبْدِ كَمَا لَمْ يَجْعَلُوا غَيْبَةَ الْعَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا عُذْرًا فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى جَعْلِ الْإِبَاقِ عُذْرًا وَالْأَقْرَبُ مِنْ حَيْثُ الْبَحْثُ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْفَسْخِ وَإِنْ تَأَخَّرَ طَلَبَ
الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعِيدًا مِنْ عِبَارَتِهِمْ فَإِنْ قَالُوا لَا تُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِالثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ إلَّا مَعَ تَسْلِيمِ الْمَعِيبِ فَعِنْدَ غَيْبَتِهِ تَتَعَذَّرُ الدَّعْوَى لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى مُلْزِمَةً فَنَقُولُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَ وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ غَائِبَةً فِي بَلَدٍ آخَرَ أَوْ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ لَيْسَ نُوجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةَ إلَى الْحَاكِمِ بالفسخ قبل أن يردها ومما نُنَبِّهُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْإِبَاقَ إذَا تَكَرَّرَ فَقَدْ تَنْقُصُ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِمَّا إذَا صَدَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً فَالْعَبْدُ الَّذِي أَبَقَ فِي يَدِ الْبَائِعِ مَرَّةً ثُمَّ أَبَقَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ إبَاقُهُ الثَّانِي عَيْبًا جَدِيدًا إذَا كَانَ مُنْقِصًا مِنْ الْقِيمَةِ نُقْصَانًا أكثر من الاول فهلا كَانَ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ (فَإِنْ قِيلَ) بِأَنَّ الْإِبَاقَ الثَّانِيَ مُسْنَدٌ إلَى الْأَوَّلِ أُثْبِتَ لَهُ عَادَةً (قُلْنَا) يَجِبُ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ إذَا اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ قَدِيمٍ هَلْ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (فَإِنْ قُلْنَا) بِالثَّانِي يَمْتَنِعُ الرَّدُّ هُنَا وَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الْأَوَّلِ وَقَدْ فَرَضَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْإِبَاقُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا يَزِيدُ فِي نُقْصَانِ الْقِيمَةِ بِأَنْ كَانَ قَدْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَاشْتَهَرَ بِهِ يَعْنِي فَلَا يُؤَثِّرُ تكررا إبَاقِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا يُجَوِّزُ حَمْلَ كَلَامِ مَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ وَفِيهِ عَدَمُ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ مِنْ آثَارِ الْإِبَاقِ السَّابِقِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ (وَالْأَوْلَى) تَبْقِيَةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى إطْلَاقِهِ ومستندهم اسناد الثاني إلى لاول وَقُلْنَا مَا أُسْنِدَ إلَى سَبَبٍ قَدِيمٍ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ
*
* (فَرْعٌ)
* فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا اطَّلَعَ بَعْدَ الْإِبَاقِ إنْ كَانَ آبِقًا قَالَ مَالِكٌ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَلَا يُصْبِرُهُ أَنْ لَا يَجِدَهُ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لَا يُقْضَى عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى يوت أو يرده وهذا كقولنا (?) وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ فِي حَالَةِ الْإِبَاقِ فَإِنَّ الْإِبَاقَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْبَقَاءِ وَالتَّلَفِ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا اسْتَحَقَّ الرَّدَّ وَاسْتِرْجَاعَ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ تَالِفًا اسْتَحَقَّ أَخْذَ الْأَرْشِ وَمَا جُهِلَ اسْتِحْقَاقُهُ لَمْ تَصِحَّ الْمُطَالَبَةُ بِهِ *
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
*
* (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ حَتَّى بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ المطالبة بالارش قال أبو إسحق الْعِلَّةُ فِيهِ أَنَّهُ اسْتَدْرَكَ الظُّلَامَةَ فَغُبِنَ كَمَا غُبِنَ فَزَالَ عَنْهُ ضَرَرُ الْعَيْبِ وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْعِلَّةُ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الرَّدِّ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ إلَيْهِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ)
*
*