الرُّجُوعَ بِالْأَرْشِ لَا يَثْبُتُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَقْبُوضِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ يَجْرِي هُنَا بِطَرِيقِ الاولى لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنْ يُجْعَلَ الْمُعَيَّنُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ (قُلْتُ) وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَدْ كُنْتُ اسْتَغْرَبْتُ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ الْمُزَنِيِّ فَتَبِعْتُ أَثَرَهُ فَرَأَيْتُ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ قُبَيْلَ كِتَابِ الرَّهْنِ أَيْضًا مَا يُثْبِتُهُ وَيُبَيِّنُ مَأْخَذَهُ وَأَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ هَهُنَا وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ إذَا أَسْلَمَ فِي طَعَامٍ وَقَبَضَ بَعْضَهُ وَأَتْلَفَهُ ثُمَّ قَبَضَ الْبَاقِيَ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ وَادَّعَى أَنَّ الْمُتْلَفَ كَانَ بِهِ هَذَا الْعَيْبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ حُلِّفَ الْمُسْلِمُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ قَالَ الْمُزَنِيّ وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ الرُّجُوعُ الارش لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَبَدَلًا عَنْ الْبَاقِي قُلْنَا هَذَا لَيْسَ من الاستبدال في شئ وَإِنَّمَا هُوَ فَسْخُ الْعَقْدِ فِي الْبَعْضِ لِأَنَّهُ كَاحْتِبَاسِ جُزْءٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ اسْتِرْدَادِ مَا يُقَابِلُ الْعَيْبَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَوْ أَسْلَمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَقَبَضَهَا وَأَتْلَفَهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ بِهَا يَنْقُصُ عُشْرَ قِيمَتِهَا رَجَعَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِعُشْرِ رَأْسِ الْمَالِ فَكَلَامُ الْقَاضِي هَذَا يُبَيِّنُ لَنَا أَنَّ مَأْخَذَ الْمُزَنِيِّ فِي ذَلِكَ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالْإِمَامُ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ الْقَاضِي وَاخْتَصَرَ وَسَكَتَ عن مأخذ وَاقْتَصَرَ عَلَى حِكَايَةِ النَّقْلِ عَنْ الْمُزَنِيِّ فِي حَالَةِ التَّلَفِ فَحَصَلَ فِي كَلَامِهِ إشْكَالٌ أَوْجَبَ لِابْنِ الرِّفْعَةِ أَنْ نَقَلَ ذَلِكَ هُنَا وَبِمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي انْدَفَعَ ذَلِكَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ

الْمُزَنِيَّ يَمْنَعُ أَخْذَ الْأَرْشِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ مُطْلَقًا عِنْدَ التَّلَفِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ الْقَاضِيَ أَيْضًا فَرَضَهَا فِي الْإِتْلَافِ لَا فِي التَّلَفِ فَهَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْقِسْمِ الَّذِي يَحْصُلُ هَلَاكُ الْمَبِيعِ بِنَفْسِهِ وَأَمَّا إذَا قَتَلَ الْعَبْدَ أَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ وَنَحْوَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا سَوَاءٌ حَصَلَ ذَلِكَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٍّ (وَقَالَ) أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَضْمُونٌ فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَهُ أَوْ أَمْسَكَهُ وَقَاسَ أَصْحَابُنَا عَلَى الْمَوْتِ وَالْإِعْتَاقِ وَأَجَابُوا عَنْ الْبَيْعِ بِعَدَمِ الْيَأْسِ وَعَنْ الْإِمْسَاكِ بِدَلَالَتِهِ عَلَى الرضى بِالْعَيْبِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَهِيَ مَا إذَا أَعْتَقَهُ أَوْ وَقَفَهُ فَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ وَوَافَقَنَا مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُمَا فِي الْعِتْقِ وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ وَالْحَسَنِ أَنَّهُمَا قَالَا إذَا أَعْتَقَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ اتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ بِإِنْشَاءِ الْمُشْتَرِي كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَكَانَ مُتَبَرِّعًا بِذَلِكَ وَفِي مَعْنَاهُ إنْشَاءُ وَكِيلِهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ بِإِنْشَائِهِ كَمَنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ أَوْ كَانَ بِإِنْشَائِهِ وَلَكِنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا بَعْدَ الْعِتْقِ فَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ وَهُوَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَجْهَيْنِ فِي شِرَاءِ الْقَرِيبِ (الثَّانِيَةُ) أَنَّهُ لَا أَرْشَ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015