بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ أَشْبَهَ بِأَصْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَرُدُّ الرَّانِجَ مَكْسُورًا كَمَا لَا يَرُدُّ الثَّوْبَ مَقْطُوعًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ وَأَجَابَ الاصحاب بأن للشافعي في الرانج قولان أَيْضًا (فَإِنْ قُلْنَا) لَا يَرُدُّ فَهُوَ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَوْ يَضُمُّ أَرْشَ النُّقْصَانِ إلَيْهِ وَيَرُدُّهُ كَمَا سَبَقَ هَكَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي آخِرِ الْكَلَامِ وَعَلَيْهِ يُنَزَّلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ فَمَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ يَرْجِعُ
بِالْأَرْشِ فَإِذَا رَجَعَ بِالْأَرْشِ فَيُقَوَّمُ صحيحا وقشره صحيح وفاسدا وقشره صحيح وينظركم نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ فَيَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَيْ أَنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ كَالْأَرْشِ الَّذِي يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يُقَوِّمُهُ مَكْسُورًا لِأَنَّ الكسر نقص حدث في يده وانما يجز تَقْوِيمُهُ مَعَ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وطريق الاطلاع على العيب على هَذَا الْقَوْلُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّا مَنَعْنَاهُ مِنْ الرَّدِّ (وَإِنْ قُلْنَا) يَرُدُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَهَلْ يَغْرَمُ أَرْشَ الْكَسْرِ فِيهِ قَوْلَانِ (أَحَدُهُمَا) نَعَمْ كَالْمُصَرَّاةِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْمُخْتَصَرِ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَك رَدُّهُ وَمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ فَاسِدًا صَحِيحًا وَقِيمَتِهِ فَاسِدًا مَكْسُورًا فَهَذَا صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْأَرْشِ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا رَدَّ وَرَجَّحَ الْغَزَالِيُّ هَذَا الْقَوْلَ
(وَالثَّانِي)
لَا لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهِ وَالْبَائِعُ بِالْبَيْعِ كَأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَ الْجُرْجَانِيِّ وَصَاحِبِ التَّهْذِيبِ وَابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَالرَّافِعِيِّ فِي الْمُحَرَّرِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ الْأَظْهَرُ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ أَصَحُّ عِنْدَ غَيْرِ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ أَيْضًا وَنَقَلَ غَيْرُهُ أَنَّهُ أَصَحُّ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي تَعْلِيقَتِهِ وَطَرِيقُ الِاطِّلَاعِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَرَّاةِ أَنَّ الْكَسْرَ عَيْبٌ حَادِثٌ لَمْ يُفَوِّتْ عَيْنًا عَلَى الْبَائِعِ بِخِلَافِ حَلْبِ الْمُصَرَّاةِ فَإِنَّهُ أَظْهَرُ نَقْصًا مَعَ تَفْوِيتِ عَيْنٍ هَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَمِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ تَأْتِي ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ جَمَعَهَا أَبُو إسحق الْمَرْوَزِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فَمَنْ بَعْدَهُ وَالْغَزَالِيُّ جَعَلَهَا أَوْجُهًا (أَحَدُهَا) أَنَّهُ لَا يَرُدُّ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ
(وَالثَّانِي)
يَرُدُّ بِغَيْرِ أَرْشٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ (وَالثَّالِثُ) يَرُدُّ مَعَ الْأَرْشِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَهُوَ الْأَعْدَلُ ثُمَّ نُنَبِّهُ عَلَى الامور (أَحَدُهَا) أَنَّ طَرِيقَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلْيَرُدَّ بِغَيْرِ أَرْشٍ كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلْيَمْتَنِعْ الرَّدُّ فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَرُدُّ مَعَ الْأَرْشِ خَارِجٌ عَنْ الْمَأْخَذَيْنِ مَعَ أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَعَلَّلَهُ الْغَزَالِيُّ كَمَا قَالَ إنَّهُ الْأَعْدَلُ بِأَنَّهُ حَتَّى لَا يَتَضَرَّرَ الْبَائِعُ أَيْضًا وَذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ (الثَّانِي) قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ إنَّهُ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ وَإِذَا رَدَّ لَمْ يَغْرَمْ الْأَرْشَ عَلَى الْأَظْهَرِ وَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ فَقَالَ رَدَّ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الرَّدَّ مَجْزُومٌ به والخلاف فِي الْأَرْشِ فَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لَمْ أَعْلَمْ مَنْ قَالَ بِهَا فَالْوَجْهُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ فِي الْأَظْهَرِ غَايَةً إلَيْهِمَا وَيَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ يَرُدُّ بِغَيْرِ أَرْشٍ وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ عَدَمُ