هَذَا الْإِشْكَالَ إنَّمَا هُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعُيُوبِ الْمَنْسُوبَةِ وَقَدْ تَبَيَّنَ فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ الْمُرَادَ قِيمَةُ السَّلِيمِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهَا وَعَلَى ذَلِكَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَوَّمَ على البائع لانا إذا نسبنا إليها وَأَدْخَلْنَاهَا فِي التَّقْوِيمِ كَثُرَ الْأَرْشُ عَلَيْهِ وَإِنْ تَعَلَّقُوا بِكَلَامِ الْإِمَامِ تَعَلَّقْنَا بِكَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَهُوَ أَصَحُّ لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ قُلْتَ) ذلك لا يلائم قوله كان ما نص فِي يَدِهِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَكَانَ نُقْصَانُهَا مِنْ ضَمَانِهِ (قُلْتُ) سَيَأْتِي تَأْوِيلُهُ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَقَوْلُ الْفَارِقِيِّ إنَّا نُوجِبُ عَلَى الْبَائِعِ قَدْرَ ما نقص بفواتها مضمونا إلَى الْأَرْشِ إنَّمَا يَصِحُّ تَخَيُّلُهُ عَلَى بُطْلَانِهِ لَوْ زَالَ بَعْدَ حُدُوثِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَدْ رَأَيْتُ صَاحِبَ الْوَافِي نَقَلَ هَذَا الْجَوَابَ الَّذِي قلته عن شيخ ثُمَّ اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ تُفْرَضُ فِيمَا إذَا زَادَتْ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ ثُمَّ ذَهَبَتْ الزِّيَادَةُ (قَالَ) فَالْجَوَابُ صَحِيحٌ أَنَّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ لَمْ تَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ يَمْنَعُ مِنْهُ الْحُكْمُ إذَا فَرَضَهَا كَذَلِكَ وَقَدْ اعْتَذَرَ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ الْمُصَنِّفِ فِي التَّعْلِيلِ فَقَالَ هَذَا مُشْكِلٌ لَكِنْ أَرَادَ أَنَّ النُّقْصَانَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ وَقَدْ سقط ضمانه برضى المشترى بقبض المبيع ناقصا فلو فرضنا وَقْتَ الْعَقْدِ أَدَّى إلَى إيجَابِ ضَمَانِ النُّقْصَانِ عَلَى الْبَائِعِ وَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ عَنَى الْبَائِعَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ ثُمَّ ذَكَرَهُ ظَاهِرًا (قُلْتُ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبَضَهُ نَاقِصَ الْقِيمَةِ بِاعْتِبَارِ السَّلَامَةِ فَذَلِكَ الْقَدْرُ الزَّائِدُ مِنْهَا قَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِهِ فَلَا يُنْسَبُ الْعَيْبُ إلَّا إلَى الثَّانِي وَهُوَ الْأَقَلُّ وَفِي ذَلِكَ نَفْعٌ لِلْبَائِعِ وَهَذَا اعْتِذَارٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ فِيهِ مُحَافَظَةً عَلَى تَصْحِيحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ
يُقَوَّمَ عَلَى الْبَائِعِ لَكِنَّ ذَلِكَ قَدْ يَقْتَضِي عَكْسَ الْحُكْمِ فَإِنَّ قِيمَةَ السَّلِيمِ إذَا كَانَتْ مِائَةً يَوْمَ الْعَقْدِ وَيَوْمَ الْقَبْضِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْمَعِيبِ يَوْمَ الْعَقْدِ تِسْعِينَ وَيَوْمَ الْقَبْضِ ثَمَانِينَ فَعَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ يَنْبَغِي بأن يقوم بأكثر قيمتي المعيب تسعون لِأَنَّ الْعَيْبَ الزَّائِدَ الْمُنْقِصَ لِلْعَشَرَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يُحْسَبْ عَلَى الْبَائِعِ فَيَكُونَ الْأَرْشُ الْعُشْرَ (وَالظَّاهِرُ) من كلامهم أن الارش في هذه الصورة الْخُمُسُ لِأَنَّ الثَّمَانِينَ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ أَوْ يَجْهَلَ فَإِنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ عَيْبٌ قَبْلَ الْقَبْضِ مُنْقِصٌ لِلْقِيمَةِ وَيَقْبِضُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِذَلِكَ الْعَيْبِ ثُمَّ يَحْدُثُ مَا يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ فَلَهُ الْأَرْشُ عَنْ الْعَيْبَيْنِ جَمِيعًا الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَاَلَّذِي حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَقَالَ) صَاحِبُ الْوَافِي مَعْنَى قَوْلِهِ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ أَيْ يَذْهَبُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَهُوَ نَاقِصٌ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ مَا لَمْ يَبِعْهُ مِنْ أَمْوَالِهِ إذَا لَمْ يَبِعْهُ لَيْسَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي وَرَأَيْتُ فِي تعليقه ابى اسحق الْعِرَاقِيِّ عَلَى الْمُهَذَّبِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ غَلَطًا فِي النُّسْخَةِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ