هَذَا وَهَذَا الْكَلَامُ مِنْ الْإِمَامِ أَوَّلُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَرْشَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ يُسْتَدْرَكُ بِإِنْشَاءِ نَقْصٍ جَدِيدٍ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ وَفِيهِ زِيَادَةُ بَيَانٍ أَنَّ ذَلِكَ بِطَرِيقِ إنْشَاءِ النَّقْصِ وَلَيْسَ كَالْمُرَابَحَةِ وَآخِرُهُ قَدْ يُوهِمُ أَنَّ الْأَرْشَ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الْفَائِتِ وَلَكِنْ فِي مُقَابَلَةِ الرَّدِّ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لَهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ اسْتِرْجَاعَ جُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ حَيْثُ فَاتَ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَلِذَلِكَ أَتَى بِكَأَنَّ الَّتِي هِيَ حَرْفُ تَشْبِيهٍ فَلَمْ يَجْعَلْهُ بَدَلًا عَنْ الرَّدِّ ولكن مشبها فان سلطنة الرَّدِّ لَا تُقَابَلُ بِعِوَضٍ وَيَجِبُ تَأْوِيلُ كَلَامِ الْإِمَامِ كَقَوْلِهِ أَوَّلًا إنَّ الْأَرْشَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ بَدَلًا عَنْ الرَّدِّ لَمْ يَخْتَصَّ بِالثَّمَنِ وَعِنْدَ هَذَا لَا يَكُونُ فِي كلام الامام جواب عن الاشكال الذى أورته إلَّا بِمَا سَأَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ احْتِمَالَيْنِ فِي أَنَّ الْأَرْشَ غُرْمٌ مُبْتَدَأٌ أَوْ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَسَيَأْتِي فَإِنْ قِيلَ إنَّ الْأَرْشَ غُرْمٌ مُبْتَدَأٌ فَلَا أشكال من هَذَا الْوَجْهِ وَيَصِيرُ كَأَنَّ الْبَائِعَ مَعِيبٌ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي قَالَ الْغَزَالِيُّ وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ مُشْتَرِيَ الجارية بعبد معيب يعلم عيبه يستحل وطئها وَلَوْ كَانَ جُزْءًا مِنْهَا يَعْرِضُ الْعَوْدَ إلَى بَائِعِ الْجَارِيَةِ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ الْعَبْدِ لَأَوْرَثَ تَوَقُّعُهُ شُبْهَةً وَإِنْ قِيلَ إنَّ الْأَرْشَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ فَالْمُمْكِنُ فِي فَهْمِهِ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَبِيعَ فِي مُقَابَلَةِ كُلِّ الثَّمَنِ إنْ رَضِيَ وَإِلَّا فَهُوَ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِهِ فَيَخْرُجُ ذَلِكَ الْبَعْضُ عَنْ الْمُقَابَلَةِ وَيَتَعَيَّنُ لِاسْتِحْقَاقِهِ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَكَأَنَّ الْمُقَابَلَةَ تَغَيَّرَتْ وَلَكِنْ جَوَّزَ ذَلِكَ فما اسْتِبْدَالُ سَبَبٍ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِالتَّرَاضِي عِنْدَ إلْحَاقِ الزِّيَادَةِ بِالثَّمَنِ بَعْدَ اللُّزُومِ فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ دَقِيقِ الْفِقْهِ كَمَا قَالَ وَلَكِنْ مَا الموجب لتغيير المقابلة فانه بالرضى يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَنْعَقِدْ إلَّا عَلَى الْبَعْضِ أَشْكَلَ بِمَسْأَلَةِ الْجَارِيَةِ وَبِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَإِنْ كَانَ بِطَرِيقِ الِانْتِقَاضِ كَمَا تَنْتَقِضُ الْمُقَابَلَةُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الدَّوَامِ إذَا قُلْنَا يُمْسِكُ بِكُلٍّ فَذَلِكَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فلا يخرج عليه ما اختاره أكثر الاصحاب هُنَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةِ الْحُلِيِّ أَنَّ ذَلِكَ اقْتَضَتْهُ الضَّرُورَةُ كَالتَّوْزِيعِ وَلَيْسَ الْعَقْدُ يَقْتَضِيهِ مِنْ الْأَصْلِ لَكِنَّ هَذَا الَّذِي يَقُولُهُ الاصحاب على خلافه إذ هم يقولون بل العقد في أصله اقضي التَّوْزِيعَ كَمَا صُوِّرَ ذَلِكَ فِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ عَلَى رَأْيِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْأَرْشَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَتَلْخِيصُ الْإِشْكَالِ أَنَّ الثَّمَنَ إنْ كَانَ مُقَابِلًا لِلْمَبِيعِ وَصِفَاتِ السَّلَامَةِ وأنه ينقسط عليها كما ينقسط عَلَى أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ فَيَنْبَغِي عِنْدَ فَوَاتِ بَعْضِهَا أَنْ يَسْقُطَ مَا يُقَابِلُهُ وَلَوْ رَضِيَ بِهِ مَعِيبًا

وَهَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ بَلْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّ تِلْكَ الصِّفَاتِ لَا تَنْحَصِرُ فَيَكُونُ مَا قُوبِلَ بِالثَّمَنِ مَجْهُولًا وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَبِيعِ عَلَى ظَنِّ السَّلَامَةِ وَالْأَوْصَافُ ليست

طور بواسطة نورين ميديا © 2015