الطَّرِيقِ عَلَيْهِ كَالْغَاصِبِ لَا بِالتَّخْيِيرِ وَسَأَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يُقَوِّي التَّأْوِيلَ أَوْ يُضْعِفُهُ فِي التَّنْبِيهِ الثَّانِي فَإِنْ صَحَّ هَذَا التَّأْوِيلُ انْدَفَعَ هَذَا الْإِشْكَالُ الثَّانِي عَنْ الْغَزَالِيِّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَحِينَئِذٍ أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ مِنْ هَذَا الْفَرْعِ الَّذِي تَجْرِي فِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ بَيْنَ رَدِّ الثَّوْبِ بِدُونِ الصِّبْغِ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ هَلْ يُجَابُ فِيهِ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ طَالِبُ الْأَرْشِ الْقَدِيمِ فَرْعٌ زَائِدٌ وَكَلَامُ النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ وَالْوَجِيزِ سَاكِتٌ عَنْهُ وَلَيْسَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَسِيطِ تَصْرِيحًا بِمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بَلْ كَلَامُهُ فِي الْوَجِيزِ فِي إدْخَالِ الصِّبْغِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ قَهْرًا وَكَذَلِكَ كَلَامُ النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ وَأَمَّا كَلَامُهُ فِي الْوَسِيطِ فَفِي إدْخَالِ الثَّوْبِ مَعَ أَرْشِهِ بِدُونِ الصبغ فأين أحدهما من لآخر فَلَا يَكُونُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَسِيطِ وَجْهًا ثَالِثًا فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ بَلْ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ فِي مَسْأَلَةٍ زَائِدَةٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ مِنْهَا أَيْضًا أَنَّ الْمُجَابَ مَنْ يَدْعُو إلَى الْأَرْشِ الْقَدِيمِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ هُنَاكَ وَلَا يُنَافِي إيرَادُ الْأَئِمَّةِ هُنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُجَابُ إذَا طَلَبَ الْأَرْشَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّهُ مَرَّ لِأَنَّ الَّذِي مَرَّ أَنَّهُ لَا يُجَابُ الْمُشْتَرِي إذَا طَلَبَ الْأَرْشَ وَطَلَبَ الْبَائِعُ بَذْلَ قِيمَةِ الصِّبْغِ أَمَّا إذَا طَلَبَ الْمُشْتَرِيَ الْأَرْشَ حَالَةَ امْتِنَاعِ الْبَائِعِ مِنْ بَذْلِ قيمة الصبغ فما مَرَّ (التَّنْبِيهُ الثَّانِي) قَالَ الْإِمَامُ لَا صَائِرَ إلَى أَنَّهُ يَرُدُّ وَيَبْقَى شَرِيكًا فِي الثَّوْبِ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ وَالِاحْتِمَالُ مُتَطَرِّقٌ إلَيْهِ وَأَجَابَ الْغَزَالِيُّ عَنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يُبْقِيهِ شَرِيكًا وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى تَضَرُّرِهِ لِعُدْوَانِهِ وَأَعْرَضَ ابْنُ خِلِّكَانَ بِأَنَّ غَرِيمَ الْمُفْلِسِ يَرْجِعُ فِي الثَّوْبِ الَّتِي زَادَتْ قِيمَتُهَا بِالصِّبْغِ وَيَكُونُ شَرِيكًا وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمُفْلِسِ عُدْوَانٌ
وَأَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْفَلَسِ دَفْعُ ضَرَرِ الْبَائِعِ فَإِذَا رَجَعَ حَصَلَ الضَّرَرُ لِلْمُفْلِسِ تَبَعًا وَالْمَقْصُودُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ دَفْعُ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي بِرَدِّهِ وَجَعْلُهُ مُشْتَرَكًا يَقَعُ لَهُ ضَرَرٌ مَقْصُودٌ أَكْثَرَ مِنْ ضَرَرِ الْعَيْبِ وَأَنَا أَقُولُ إنَّ غَرِيمَ الْمُفْلِسِ إذَا رَجَعَ فِي الثَّوْبِ دُونَ الصِّبْغِ لَمْ يَحْصُلْ ضَرَرٌ لِلْمُفْلِسِ بِالشَّرِكَةِ لِأَنَّ مَالَهُ مَبِيعٌ كُلَّهُ وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ إنَّ الثَّوْبَ يُبَاعُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْقِسْمَةُ عَلَى أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا هَلْ يَكُونُ كُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ وَكُلُّ الصِّبْغِ لِلْمُفْلِسِ أَوْ يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا جَمِيعًا عَلَى وَجْهَيْنِ وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا الْبَيْعُ فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ تَبَعًا لِلشَّرِكَةِ
* وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ وَالْجَوَابَيْنِ عنه بناء على مادل عليه كلام الغزالي رحمه الله مِنْ أَنَّ عَدَمَ الْقَوْلِ بِالشَّرِكَةِ هُنَا لِأَجْلِ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي وَأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذلك عليه كما اوله ابن الرفعة عليه وَعَلَيْهِ يَدُلُّ تَنْظِيرُ الْإِمَامِ لَهُ