قَالَ فَيَتَقَرَّرُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُهُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَفِي الْبَاقِي مِنْ الْمَهْرِ الْوَجْهَانِ وَبَيْنَ التَّقْدِيرَيْنِ اخْتِلَافٌ فَإِنَّا إذَا أَفْرَدْنَا أَرْشَ الْبَكَارَةِ وَكَانَ عِشْرِينَ مَثَلًا وَهُوَ عُشْرُ قِيمَتِهَا قَرَّرْنَا عُشْرَ الثَّمَنِ وَإِذَا لَمْ يفرد وكان مهرها بكرا مائة أو ثيب ثَمَانِينَ فَأَرْشُ الْبَكَارَةِ الْخُمُسُ فَيَتَقَدَّرُ خُمُسُ الثَّمَنِ ولنفرض القيمة واحدة في المثالين فإذا ما ذكره الرافعى انما يجئ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ أَرْشَ الْبَكَارَةِ يَدْخُلُ فِي الْمَهْرِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لم نجعل وطئ المشترى كوطئ الأجنبي وهو للصحيح وَهَذَا التَّقْرِيرُ عَلَى طَرِيقَةِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالرَّافِعِيِّ هُنَا وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالرَّافِعِيِّ فِي بَابِ فَسَادِ الْبَيْعِ أَنَّهُ يَجِبُ مهر بكرا وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مُتَعَيَّنٌ وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ وَفِي وجه افتضتاض الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ وَافْتِضَاضِ الْأَجْنَبِيِّ وَفَرَّقَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِأَنَّ ضَمَانَ الْجِنَايَةِ بِالشَّرْعِ فَرُوعِيَ فِيهِ وَاجِبُ الشَّرْعِ وَهَذَا ضَمَانُ مُعَاوَضَةٍ فَرُوعِيَ فِيهِ مُوجَبُ الْعَقْدِ وَالْعَقْدُ اقْتَضَى التَّقْسِيطَ عَلَى الْأَجْزَاءِ فَلِذَا قَالَ الْفَارِقِيُّ تِلْمِيذُ الْمُصَنِّفِ تَكَلَّمْتُ يَوْمًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي حَلْقَةِ الدَّامَغَانِيِّ قَاضِي القضاء وَهِيَ مِنْ مُفْرَدَاتِ أَحْمَدَ فَقُلْتُ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَحَقُّ الرَّدِّ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ لِأَنَّهُ بَذَلَ الثَّمَنَ لِيَحْصُلَ عَلَى مَبِيعٍ سَلِيمٍ فَلَمَّا فَاتَ أَثْبَتْنَا لَهُ الرَّدَّ جَبْرًا لِحَقِّهِ فَإِنَّهُ لَوْ أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ الَّذِي بَذَلَهُ فِي مُقَابَلَةِ السَّلِيمِ وَجُعِلَ عَلَى الْمَعِيبِ فَكَانَ إخْلَالًا بِالنَّظَرِ وَتَرْكَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فَلِذَلِكَ إذَا حَدَثَ عِنْدَهُ وَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ عَلَيْهِ الرَّدُّ لِأَنَّا لَوْ جَوَّزْنَا لَهُ ذَلِكَ أَفْضَى إلَى الْإِضْرَارِ بِالْمَنَافِعِ لِأَنَّهُ خَرَجَ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِهِ سَلِيمًا فَلَا يَجُوزُ رَدُّهُ إلَيْهِ مَعِيبًا تَسْوِيَةً بَيْنَ جَانِبِهِ وَجَانِبِ الْمُشْتَرِي فَقَالَ لِي هَذَا بَيَانُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا
وَامْتِنَاعُ الرَّدِّ فَلِمَ رَجَّحْتَ جَانِبَ الْبَائِعِ عَلَى جَانِبِ الْمُشْتَرِي حَتَّى أَلْزَمْتَ الْمُشْتَرِيَ الْمَعِيبَ فَقُلْتُ هَذَا فِي قَضِيَّةِ النَّظَرِ لَا يَلْزَمُنِي لِأَنَّ مَقْصُودِي بَيَانُ امْتِنَاعِ الرَّدِّ عَلَى الْمُشْتَرِي وذلك يحصل بالمعاوضة لمراعات حَقِّ الْبَائِعِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ التَّرْجِيحِ ثُمَّ أَشْرَعُ بِبَيَانِهِ (فَأَقُولُ) إنَّمَا رَجَّحْتُ جَانِبَ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَلْزَمْنَاهُ أَخْذَ الْمَبِيعِ بِعَيْبَيْنِ عَظُمَ الضَّرَرُ فِي حَقِّهِ لِأَنَّهُ خَرَجَ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِهِ سَلِيمًا مِنْ هَذَا الْعَيْبِ لِحُدُوثِهِ فَإِنَّهُ جُزْءٌ مِنْ مِلْكِهِ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا لَهُ وَالْمُشْتَرِي لم يكن في ملكه شئ ففات عليه وانما قصد تحصيل شئ عَلَى صِفَةٍ فَلَمْ يَحْصُلْ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ وليس الضرر في حق من فاته شئ كَانَ لَهُ حَاصِلًا كَالضَّرَرِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَا قَصَدَهُ (قُلْتُ) قَوْلُهُ إنَّهَا مِنْ مُفْرَدَاتِ أَحْمَدَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ رَوَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَيُوَافِقُهُ أَحَدُ الْأَوْجُهِ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ مَذْهَبُ مالك أيضا عَلَى تَفْصِيلٍ عِنْدَهُ
*