هما مسألتان فوطئ الْبِكْرِ وَشِبْهُهُ مِمَّا فِيهِ فَوَاتُ جُزْءٍ كَالْخِصَاءِ أَوْ قَطْعِ طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِهِ أَوْ قَطْعِ إصْبَعٍ زَائِدَةٍ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ وَيَنْتَقِلُ إلَى الْأَرْشِ جَزْمًا إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِالرَّدِّ وَالْعُيُوبُ الَّتِي تَنْقُصُ الْقِيمَةَ فَقَطْ يَجْرِي فِيهَا خِلَافُ أَبِي ثَوْرٍ وَالْوُجُوهُ الَّتِي سَتَأْتِي فَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقُولُ بِإِجَابَةِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ بَلْ حَقُّهُ فِي الرَّدِّ بَاقٍ مَعَ إعْطَاءِ الْأَرْشِ إمَّا عَلَى التَّعْيِينِ أَوْ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخْذِ الْأَرْشِ كَمَا تَقَدَّمَ وَسَيَأْتِي إذَا اتَّبَعْنَا رَأْيَ الْمُشْتَرِي وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ إذَا قُطِعَ طَرَفٌ مِنْ أَطْرَافِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ له رده
ووضع الشافعي والمصنف من في الخلاف كابن المنذر وغيره مسألة الوطئ وَحْدَهَا وَمَسْأَلَةَ حُدُوثِ الْعَيْبِ وَحْدَهَا وَمَا تَقَدَّمَ عن الشعبى عامة قال في الجارية توطئ يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا حُكُومَةً وَفِي الْجَارِيَةِ يَحْدُثُ بِهَا عَيْبٌ مُبْطِلٌ لِلْعَيْبِ الْأَوَّلِ وَهَذَا يَقْتَضِي التَّغَايُرَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَوْفَقُ لِإِطْلَاقِهِمْ وَلِعُمُومِ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَلِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فانه سوى بين وطئ الْبِكْرِ وَقَطْعِ الثَّوْبِ وَتَزْوِيجِ الْأَمَةِ وَلَيْسَ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَوَاتُ جُزْءٍ وَلَا يَنْحَلُّ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ مُشْتَرَكَةٌ فِي أَنَّهَا صَادِرَةٌ مِنْ الشترى فتكون محل الجزم ويخص الخلاف بما لم يكن من جهة المشترى لنقل أبى الطيب الاجماع في قطع الطرف فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعُيُوبَ كُلَّهَا سَوَاءٌ فِي مَنْعِ الرَّدِّ الَّذِي لَمْ يَضُمَّ مَعَهُ الْأَرْشَ أَمَّا إذَا ضَمَّ مَعَهُ الْأَرْشَ فَعَلَى مَا سَيَأْتِي وَعَلَى رَأْيِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مَا سَيَأْتِي يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا إلَّا برضى البائع لانه يجاب من طلب تقدير الْعَقْدِ عَلَى الصَّحِيحِ فَلِذَلِكَ صَحَّ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَمَحَلُّ الِاتِّفَاقِ أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ الْحَادِثُ لَهُ سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ فَلَا يُمْنَعُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا تَقَدَّمَ مَبْحَثُ حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مالا سَبَبَ لَهُ مُتَقَدِّمًا وَمَنْ ذَلِكَ مَا إذَا اشترى بكرا مزوجة جاهلا فافتضها لزوج وَقَدْ تَقَدَّمَ
* وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ هُنَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَتَقَدَّمَ فِيهِ بَحْثٌ وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ وطئ الْبِكْرِ وَقَطْعِ الثَّوْبِ قِيلَ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وافق في وطئ الْبِكْرِ وَخَالَفَ فِي قَطْعِ الثَّوْبِ فَفِيهِ قِيَاسُ أحدهما على الآخر وقوله وطئ الْبِكْرِ مَحْمُولٌ عَلَى افْتِضَاضِهَا فَلَوْ كَانَتْ غَوْرَاءَ فوطئها ولم تزل بكارتها فهو كوطئ الثيب فيما يَظْهَرُ
* وَاعْلَمْ أَنَّ زَوَالَ الْبَكَارَةِ يُفْرَضُ عَلَى وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةِ الْأَحْكَامِ سَأُفْرِدُ لَهَا فَرْعًا فِي آخِرِ الْكَلَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ مُفْهِمٌ أَنَّهُ لَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِالرَّدِّ جَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ فِيهِ بَحْثٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ نَقْصُ الْمَبِيعِ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ النَّقْصِ وَالنَّقْصُ قَدْ يَكُونُ نَقْصَ صِفَةٍ مَخْفِيَّةٍ كَقَطْعِ الثَّوْبِ وَالتَّزْوِيجِ وَقَدْ يَكُونُ نُقْصَانَ عَيْنٍ وَلَكِنَّهَا فِي حكم الوصف