شَجَرَةِ الْفِرْصَادِ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي أَنَّهَا كَالْأَغْصَانِ أَوْ كَالثِّمَارِ وَأَوْرَاقُ سَائِرِ الْأَشْجَارِ كَالْأَغْصَانِ قَالَهُمَا الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ اشْتَرَى غَزْلًا فَنَسَجَهُ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ عَيْبًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ حَكَى ابْنُ سُرَيْجٍ فِيهِ قَوْلَيْنِ
(أَحَدُهُمَا)
يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَنْ النَّسِيجِ وَبَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَأَخْذِ الْأَرْشِ لِأَنَّ النِّسَاجَةَ أَثَرٌ لَا عَيْنٌ
(وَالثَّانِي)
أَنَّ الْبَائِعَ إنْ بَذَلَ الْأُجْرَةَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مَنْسُوجًا وَإِنْ امْتَنَعَ لَزِمَهُ الْأَرْشُ لِأَنَّ النِّسَاجَةَ زِيَادَةُ عَمَلٍ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدِي وَلَا يَجُوزُ غَيْرُهُ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ وَفِي هَذَا نَظَرٌ وَأَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى إمْسَاكِ الْمُشْتَرِي وَطَلَبِ الْأَرْشِ فَكَيْفَ يُجْعَلُ قَوْلًا ثَانِيًا بَلْ يَتَحَرَّرُ الْجَوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ نَقُولَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ الرَّدِّ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَبَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَأَخْذِ الْأَرْشِ فَإِنْ اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ كَانَ لِلْبَائِعِ دَفْعُ أُجْرَةِ النَّسْجِ وَالرَّدِّ فَإِنْ اخْتَارَ ذَلِكَ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى دَفْعِ الْأَرْشِ وَقَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ لَوْ زَادَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ شيئا بصنعه بِأَنْ كَانَتْ دَارًا فَعَمَرَهَا أَوْ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ إنْ أَمْكَنَهُ نَزْعُ الزِّيَادَةِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ نَزَعَهَا وَرَدَّ الْأَصْلَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِأَنْ يَرُدَّهُ وَيَبْقَى شَرِيكًا فِي الزِّيَادَةِ رَدَّ وَإِنْ امْتَنَعَ أَمْسَكَهُ وَأَخَذَ الْأَرْشَ وَسَيَأْتِي فَرْعٌ طَوِيلٌ فِي الصَّبْغِ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ هُنَا أَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ عند الكلام فيما إذا نقص المبيع
*
*
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
*
* (وَإِنْ كَانَتْ زيادة منفصلة كاكساب العبد فله أن يرد ويمسك الكسب لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " أَنَّ رجلا ابتاع غلاما فاقام عنده ما شاء الله أن يقيم ثم وجد به عيبا فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورد عليه فقال الرجل يا رسول الله قد استغل غلامي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخراج بالضمان ")
*
*
* (الشَّرْحُ)
* حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا مُطَوَّلًا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمُخْتَصَرًا فَالْمُطَوَّلُ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزنجي شيخ الشافعي عن هشام ابن عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ كَذَلِكَ رَوَاهُ الشافعي في الام ورواه الائمة المذكورة وَقَدْ وَثَّقَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ يَسْأَلُهُ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْهُ فَقَالَ ثِقَةٌ وَكَذَلِكَ قَالَهُ فِي رِوَايَةِ الدَّارِمِيِّ عَنْهُ لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ عنه