بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَيُجْبَرُ بِالْعَيْبِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْبَرَ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِاعْتِبَارِ الْعَيْبِ (وَمِنْهَا) مَسْأَلَةٌ تَقَدَّمَتْ فِي الرِّبَا فِي الصَّرْفِ إذَا بَاعَ دِينَارَيْنِ بِدِينَارَيْنِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا اخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَجَمَاعَةً الْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَأَطْلَقَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ الصِّحَّةَ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ وَانْتَدَبْت لَهُ مَأْخَذًا بَعِيدًا وَبِهَذِهِ الْفَائِدَةِ هُنَا يَتَرَجَّحُ فَظَهَرَ مَأْخَذٌ حَسَنٌ يُحْمَلُ عَلَيْهِ وَيُتَمَسَّكُ بِهِ فِيهِ وَيَقْوَى على أبى طَالِبٍ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ مِنْ جِهَةِ التَّوْزِيعِ وَالتَّوْزِيعُ هَهُنَا لَا يَقْتَضِي المفاصلة إذا وزع باعتبار السلامة وانما يقتضي المفاضلة إذَا وُزِّعَ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الْعَيْبِ (وَمِنْهَا) فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الدَّوَامِ إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْمَبِيعَيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَمِنْهَا) فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلَا تَخْفَى الْفُرُوعُ بَعْدَ بَيَانِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِهَا وَمُلَاحَظَتُهَا فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ فِي أَبْوَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ
*
* (فَرْعٌ)
* لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ الْعَيْبُ بِالتَّالِفِ وَحْدَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ التَّالِفَ لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ مَقْصُودًا أَوْ مُسَوِّغًا وَإِنَّمَا صَحَّ الْفَسْخُ فِي التَّالِفِ تَبَعًا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ وَإِنْ كَانَ وَاضِحًا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ بَقَاءَ السَّلِيمِ مُسَوِّغٌ لِوُرُودِ الرَّدِّ عَلَى الْمَعِيبِ فِي الصَّفْقَةِ الَّتِي شَمِلَتْهُ وَلَيْسَ لِتَكَلُّفِ الْمَبِيعِ جُمْلَةً إذْ لَا مَوْرِدَ أَصْلًا فَلِذَلِكَ نَبَّهْتُ عَلَيْهِ
*
* (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ مَسَائِلِ الْكِتَابِ)
* إذَا اشْتَرَى اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ عَيْنًا وَوَجَدَا بِهَا عَيْبًا وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا إمْسَاكَ حِصَّتِهِ وَالْآخَرُ رَدَّ حِصَّتِهِ جَازَ عَلَى الْقَوْلِ الظَّاهِرِ الْمَنْقُولِ عَنْ نَصِّهِ فِي كُتُبِهِ الْجَدِيدَةِ وَمُعْظَمِ كُتُبِهِ الْقَدِيمَةِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ وَأَبُو يوسف ومحمد وابن أبى ليلى ومنه أخذ الصفقة تتعدد بتعدى الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْأَصَحُّ وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّهُ رَدَّ جَمِيعَ ما ملك مجارا كالمشترى الواحد قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَوْ أَصَابَ الْمُشْتَرِيَانِ صَفْقَةً وَاحِدَةً مِنْ رَجُلٍ بِجَارِيَةٍ عَيْبًا فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ وَالْآخَرُ الْإِمْسَاكَ فَذَلِكَ لَهُمَا لِأَنَّ الْمَعْهُودَ فِي شِرَاءِ الِاثْنَيْنِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَرِي النِّصْفِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ انْتَهَى (وَالْقَوْلُ الثَّانِي) وَيُحْكَى عَنْ رِوَايَةِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ الْقَدِيمِ وَقَالَ أَبُو دَاوُد إنَّهُ مَرْجُوعٌ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَة إنَّهُ لَيْسَ لَهُ الِانْفِرَادُ بِالرَّدِّ لِأَنَّ الْعَبْدَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ كَامِلًا وَالْآنَ يَعُودُ إلَيْهِ بعضه وبعض الشئ لَا يُشْتَرَى بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ لَوْ بِيعَ كُلُّهُ وَرُبَّمَا أَوْرَدُوا ذَلِكَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَقَالُوا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ مُجْتَمِعًا أَوْ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَمِنْ هَذَا الْقَوْلِ أُخِذَ أَنَّ الصَّفْقَةَ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي مُتَّحِدَةٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ لَكِنَّ الصَّحِيحَ الْمَشْهُورَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ كَثِيرُونَ أَنَّ الصَّفْقَةَ مُتَعَدِّدَةٌ وَبِذَلِكَ مَنَعُوا مَنْ قَالَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ