فَلَمَّا لَمْ يَرُدَّهُ مِثْلَ مَا أَخَذَ كَانَ لَا رَدَّ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُصَ عَلَيْهِ مَا اشْتَرَى مِنْهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الَّذِي وَجَدَهُ فِي الثَّوْبِ الْبَاقِي فَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي فِي مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ يَقْتَضِي إثْبَاتَ قَوْلَيْنِ

(أَحَدُهُمَا)

يَضُمُّ قِيمَةَ التَّالِفِ إلَى الْبَاقِي وَيَرُدُّهُمَا

(وَالثَّانِي)

يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ وَهُمَا هَذَانِ الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ فَرَّعْنَاهُمَا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْإِفْرَادِ فَهُمَا مُتَعَاضِدَانِ فِي مَنْعِ الْإِفْرَادِ كَمَا قَدَّمْتُ لَكَ أَوَّلًا وَقَدْ تَأَمَّلْتُ نَصَّهُ فِي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ فَلَمْ أَجِدْهُ صَرِيحًا فِي الرَّدِّ وَاسْتِرْجَاعِ الْقِسْطِ وَإِنَّمَا قَالَ إذَا اشْتَرَى

ثَوْبَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا فِي يَدِهِ وَوَجَدَ بِالثَّانِي عَيْبًا وَاخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ الثَّوْبَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الثَّمَنَ كُلَّهُ قَدْ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ وَالْمُشْتَرِي إنْ أَرَادَ رَدَّ الثَّوْبِ يَرُدُّهُ بِأَكْثَرِ الثَّمَنِ أَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ بِالْعَيْبِ رَجَعَ بِهِ بِأَكْثَرِ الثَّمَنِ ولا نعطيه بقوله لزيادة قَالَ الرَّبِيعُ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الثَّمَنُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا اشْتَرَى شَيْئَيْنِ فِي صَفْقَةٍ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا وَوَجَدَ بِالْآخَرِ عَيْبًا فَلَيْسَ إلَى الرَّدِّ سَبِيلٌ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهَا (قُلْتُ) وَهَذَا هُوَ مَعْنَى مَا فِي الْبُوَيْطِيِّ وَلَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ إلَّا الْقَوْلُ الْآخَرُ الَّذِي حَكَاهُ الرَّبِيعُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَآخِرُ كَلَامِهِ الْمَذْكُورِ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الرَّدِّ وَأَوَّلُ كَلَامِهِ فِيهِ احْتِمَالٌ لِمَا قَالَهُ أَبُو الطَّيِّبِ وَمَا قَالَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ وَإِنَّمَا احْتَجْتُ إلَى ذَلِكَ لِقَوْلِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ إنَّهُ قَالَ يَرْجِعُ إلَى حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَهَذَا بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ مَنْعِ التَّفْرِيقِ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ نَقَلَهُ عَنْهُ بِلَفْظٍ آخَرَ صَرِيحٍ فِي التَّفْرِيقِ فَلَعَلَّ لَهُ فِي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ نَصًّا آخَرَ وَأَبْدَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا حَكَى عَنْ اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ نَظَرًا مِنْ وَجْهَيْنِ

(أَحَدُهُمَا)

أَنَّا نُفَرِّعُ عَلَى مَنْعِ التَّفْرِيقِ فَالنَّصُّ مُصَرِّحٌ بِالتَّفْرِيقِ فَكَيْفَ يُرَدُّ بِهِ وَهَذَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِنَاءً عَلَى مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَنَقَلَهُ ابن الرفعة عن ابن الصباغ اعترضا عَلَيْهِ لَكِنَّكَ قَدْ عَرَفْتَ فِيهِ النَّصَّ بِلَفْظٍ وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالتَّفْرِيقِ وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْعُذْرُ عَنْ أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ تَفْرِيعًا عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015