أَبُو الطَّيِّبِ النُّكْتَةُ فِيهَا أَنَّ مَنْ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ فِي رَفْعِ الْعَقْدِ لَا يُعْتَبَرُ حُضُورُهُ كَالْمَرْأَةِ فِي الطَّلَاقِ وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلِأَنَّهُ رَدٌّ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَيْبِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ رِضَا الْبَائِعِ كَمَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ رحمه الله لا يعتبر فيه رضى صَاحِبِهِ إشَارَةٌ إلَى مَا بَعْدَ الْقَبْضِ (وَقَوْلُهُ) وَلَا حُضُورُهُ إشَارَةٌ إلَى مَا قَبْلَ الْقَبْضِ تَنْبِيهًا عَلَى مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَدْ قَابَلَ فِي النُّكَتِ لَفْظَ الرَّفْعِ بِالْقَطْعِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الطَّلَاقَ قَاطِعٌ لَا رَافِعٌ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا أَحْسَنُ مِنْ جِهَةِ أن الخصم لا يسلم أن الرد قطع بل هو رفع لاسيما عَلَى قَوْلِهِ وَقَوْلٌ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَرْفَعُ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ وَقَاسَ فِي النُّكَتِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ أَيْضًا وَقَوْلُهُ جُعِلَ إلَيْهِ

احْتِرَازًا مِنْ الْإِقَالَةِ فَإِنَّهَا إلَيْهِمَا لَا يَنْفَرِدُ بِهَا أَحَدُهُمَا وَلَا يَرِدُ اللِّعَانُ حَيْثُ يُعْتَبَرُ فِيهِ حُضُورُ المرأة رضى لِلْقَاضِي مَعَ أَنَّ الْفُرْقَةَ تَتَرَتَّبُ عَلَى لِعَانِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْفُرْقَةَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى لِعَانِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَا يَنْدَرِجُ فِي قَوْلِهِ رَفْعٌ لِأَنَّ الرَّافِعَ الشَّرْعُ لَا هُوَ وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ هُوَ الْفَاسِخُ بِاخْتِيَارِهِ وَقَصْدُهُ الرَّفْعُ وَاسْتَدَلَّ أصحابنا أيضا بالقياس على الرجعة والوديعة فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ فِي غَيْبَةِ الْمُودِعِ حَتَّى إذَا عَلِمَ بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَ لَا يَضْمَنُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ وَيَجِبَ عَلَيْهِ طَلَبُ صَاحِبِهَا لِيُسَلِّمَهَا إلَيْهِ أَوْ الْحَاكِمِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَهَا وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ جُعِلَ إلَيْهِ ظَاهِرٌ فِيمَا قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لا يشترط فيه رضى الْبَائِعِ (وَأَمَّا) بَعْدَ الْقَبْضِ فَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ بِاشْتِرَاطِ رِضَاهُ يُمْنَعُ أَنَّ الرَّفْعَ حِينَئِذٍ جُعِلَ للمشترى لتوقفه عَلَى رِضَا الْبَائِعِ مُنْدَفِعٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ جُعِلَ إلَيْهِ أَنَّهُ صَادِرٌ مِنْهُ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ الصَّادِرَةِ مِنْهُمَا وَمَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ الِاحْتِرَازُ وَإِنْ اشْتَرَطَ الْخَصْمُ فِيهِ شَرْطًا آخَرَ وَاسْتَدَلَّ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ رَفْعُ عَقْدٍ بِعَيْبٍ فلا ينفرد به كالرد بالعنة وأجلب أَصْحَابُنَا بِأَنَّ ذَلِكَ يَفْتَقِرُ إلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ بالعجز وَإِلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ يُخْتَلَفُ فِيهِ بِخِلَافِ هَذَا وَوَافَقَنَا أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَا إذَا كَانَ خِيَارُ الشَّرْطِ لِأَحَدِهِمَا عَلَى جَوَازِ انْفِرَادِهِ بِالْفَسْخِ وَإِنَّمَا خَالَفَ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا هَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ فَإِنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ثَابِتٌ لِأَحَدِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

*

طور بواسطة نورين ميديا © 2015