كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْعُرْفُ فَيَنْبَغِي أن لا يحكم على شئ مِنْ الِاسْتِعْمَالَاتِ بِقَطْعِ الْخِيَارِ إلَّا إذَا دَلَّ دلالة ظاهرة على الرضا كالوطئ ولبس
الثوب والقرض على البيع وشبه أما مالا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوْ يَتَرَدَّدُ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ نَسْتَلْزِمَ مَعَهُ أَصْلَ الْخِيَارِ وَلَا نَحْكُمَ بِالرِّضَا بِغَيْرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنَّ خِيَارَ الرَّدِّ ثَبَتَ قَطْعًا وَالْمُبَادَرَةُ حَصَلَتْ وَاَلَّذِي قَارَنَهَا مِنْ الِاسْتِعْمَالَاتِ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ كَذَلِكَ فَالْحُكْمُ بِالرِّضَا إذْ ذَاكَ يَكُونُ حُكْمًا بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ التَّلَفُّظُ بِالْفَسْخِ حَالَةَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَمَّا إذَا أَوْجَبْنَاهُ لَا تَأَتَّى الْمَسْأَلَةُ لِأَنَّهُ إنْ تَلَفَّظَ بِهِ لَمْ يَجُزْ الِاسْتِعْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ بَطَلَ الرَّدُّ بِالتَّأْخِيرِ وَلَمَّا كَانَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ يَرَى وُجُوبَ الْمُبَادَرَةِ إلَى التَّلَفُّظِ بِالْفَسْخِ لَا جَرَمَ هُوَ مِنْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ وَالِاسْتِخْدَامَ يُبْطِلُ الرَّدَّ وَالْمُبْطِلُ عِنْدَهُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ التَّأْخِيرُ لَا خُصُوصُ الِاسْتِعْمَالِ فَيَجِبُ التنبه لِذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ حُسَيْنٌ رَأْسُ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقَالَ ذَلِكَ عَلَى رَأْيِهِ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ وَأَنَّ التَّلَفُّظَ بِالْفَسْخِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَالْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي بَاقٍ فِي زَمَنِ الرَّدِّ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ مِنْ تَصَرُّفٍ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَهَذَا كُلُّهُ فِي مَسْأَلَةِ الرُّكُوبِ وَنَحْوِهَا وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الرُّكُوبَ مُبْطِلٌ يَقُولُونَ إنَّهُ لَوْ كَانَ رَاكِبًا فَاطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ يَنْزِلُ عَلَى الْفَوْرِ فَلَوْ اسْتَدَامَ بَطَلَ حَقُّهُ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الرُّكُوبِ رُكُوبٌ (أَمَّا) الْعَلْفُ وَالسَّقْيُ فَلَا يَضُرُّ هَكَذَا جَزَمُوا بِهِ وَلَا أظنه يجئ فِيهِ خِلَافٌ لِأَنَّ ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ خَالِصَةٌ لِلدَّابَّةِ لَكِنَّ تَعْلِيلَ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُ إلَى أَنْ يَرُدَّهَا يَقْتَضِي التَّفْرِقَةَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الرُّكُوبِ (وَأَمَّا) مَسْأَلَةُ الْحَلْبِ فَكَذَلِكَ جَزَمُوا بِهَا وَنَسَبَهَا بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ إلَى بَعْضِ الْأَصْحَابِ ويبغى التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ تَرْكُ الْحَلْبِ يَضُرُّ بِهَا لكثرة اللبن في ضرعها فلا يجئ فِيهِ خِلَافٌ كَالْعَلْفِ وَالسَّقْيِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ كَالرُّكُوبِ لِلِانْتِفَاعِ فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ وَافَقَهُ يَجُوزُ وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ يَمْتَنِعُ وَنَسَبَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ جَوَازَ الْحَلْبِ إلَى أَصْحَابِنَا وَقَيَّدَهُ بِأَنْ تَكُونَ سائرة فلو وقفها للحالب بطل الرد
*