في شرح التلخيص أنه لو جاء الْعَبْدُ بِكُوزِ مَاءٍ فَأَخَذَ الْكُوزَ مِنْهُ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّ وَضْعَ الْكُوزِ فِي يَدِهِ كَوَضْعِهِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنْ شَرِبَ وَرَدَّ الْكُوزَ إلَيْهِ فَهُوَ اسْتِعْمَالٌ أَمَّا إذَا كَانَتْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا فَإِنْ رَكِبَهَا لَا لِلرَّدِّ بَطَلَ حَقُّهُ وَإِنْ رَكِبَهَا لِلرَّدِّ أَوْ السَّقْيِ فَإِنْ كَانَتْ جَمُوحًا يَعْسُرُ سَوْقُهَا وَقَوْدُهَا فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي الرُّكُوبِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَمُوحًا وَلَكِنَّهُ رَكِبَهَا فِي الطَّرِيقِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فَفِيهِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) عَلَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ الْبُطْلَانُ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ
(وَالثَّانِي)
وَهُوَ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْكِتَابِ وَنَسَبُهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى ابن سريج وصحح ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ وَيَسْتَدِلُّ لَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بأن الركوب أعجل لَهُ فِي الرَّدِّ وَأَصْلَحُ لِلدَّابَّةِ مِنْ الْقَوْدِ قَالَ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ لِيَرُدَّهُ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ هَذَا اللُّبْسُ مَانِعًا مِنْ الرد لان العادة لم تجر به ولانه لَا مَصْلَحَةَ لِلثَّوْبِ فِي لُبْسِهِ وَجَعَلَ الرَّافِعِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ دَلِيلًا عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَهُ فِي مَسْأَلَةِ الرُّكُوبِ وَلَكِنْ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَادَةِ وَالْمَصْلَحَةِ فَارِقٌ وَلَوْ كَانَ لَابِسًا لِلثَّوْبِ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فِي الطَّرِيقِ فَتَوَجَّهَ لِيَرُدَّهُ لَمْ يَنْزِعْ فَهُوَ مَعْذُورٌ لِأَنَّ نَزْعَ الثَّوْبِ فِي الطَّرِيقِ لَا يُعْتَادُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ وَلَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ لِلِانْتِفَاعِ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهَا لَمْ يَجُزْ اسْتِدَامَةُ الرُّكُوبِ وَإِنْ تَوَجَّهَ لِلرَّدِّ عَلَى مَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَلَوْ كَانَ حَمَلَ عَلَيْهَا سَرْجًا أَوْ إكَافًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ فَتَرَكَهُمَا عَلَيْهَا بَطَلَ حَقُّهُ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ وَانْتِفَاعٌ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِصَاحِبِ التَّلْخِيصِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَاحْتَاجَ إلَى حَمْلٍ أَوْ تَحْمِيلٍ أَيْ فَتَرْكُهُمَا يُوَفِّرُ عَلَيْهِ كُلْفَةَ الْحَمْلِ وَالتَّحَمُّلِ فَهِيَ انْتِفَاعٌ فَيُمْنَعُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِنَزْعِهِ ضَرَرٌ بِالدَّابَّةِ فَإِذَا حَصَلَ أَوْ خِيفَ مِنْهُ كَمَا إذَا كَانَتْ عَرِقَتْ وَخِيفَ مِنْ نَزْعِهِ أَنْ تَهْوَى فَلَا يَكُونُ نَزْعُهُ فِي هَذِهِ الحالة تقصيرا إذ هو بعيبها فَيَكُونُ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ (قُلْتُ) وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ يَجِفُّ بِنَفْسِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالنَّعْلِ إلَى أَنْ يَجِفَّ الْعَرَقُ وَيَكُونُ نَزْعُهُ مِنْ مَصْلَحَتِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُعْذَرُ بِتَرْكِ الْعِذَارِ وَاللِّجَامِ لِأَنَّهُمَا خَفِيفَانِ لَا يُعَدُّ تَعْلِيقُهُمَا عَلَى الدَّابَّةِ انتفاعا ولان العقود يعسر دونهما