عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ لِأَنَّ الْوَاحِدَ مَعَ الْيَمِينِ كَافٍ وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ
*
* (فَرْعٌ)
* تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَصْمُ غَائِبًا مِنْ الْبَلَدِ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَالْغَيْبَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا شَكَّ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَهَلْ تَكْفِي مَسَافَةُ الْعَدْوَى قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا الْخِلَافُ فِي الِاسْتِعْدَاءِ وَقَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَالدُّعَاءِ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ غَيْبَتُهُ عَنْ الْبَلَدِ وَإِنْ قَلَّتْ الْمَسَافَةُ كَالْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ كَمَا ذُكِرَ وَجْهٌ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ السَّالِفَةِ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِ الْخُرُوجِ عَنْهَا مَشَقَّةً لَا تَلِيقُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ قَالَ وَهَذَا مَا يُفْهِمُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ الْجَزْمُ بِهِ (قُلْتُ) وَالْجَزْمُ بِذَلِكَ هو الظاهر وإن كَانَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لَا يَقْتَضِيهِ إلَّا بِإِطْلَاقِ الْغَيْبَةِ فَإِنْ جَزَمَ الْأَصْحَابُ فِيمَا تَقَدَّمَ بِأَنَّ عِنْدَ حُضُورِ الْحَاكِمِ مَجْلِسَ الِاطِّلَاعِ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ يَبْعُدُ مَعَهُ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ فَيَجُوزُ تَرْكُهُ وَالْمُضِيُّ إلَى الْبَائِعِ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ مُطْلَقُ الْغَيْبَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْبَائِعِ خَارِجَ الْبَلَدِ أَوْ أَقْرَبَ مِنْ مَوْضِعِ الْحَاكِمِ فِي الْبَلَدِ فَفِيهِ نَظَرٌ
*
* (فَرْعٌ)
* تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْحَاكِمِ وَهَذَا بِإِطْلَاقِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يجد أحدهما ويعدل عنه إلى الآخر لاسيما قَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّهُ إنْ تَرَكَ الْبَائِعَ وَرَفَعَ إلَى الْحَاكِمِ فَهُوَ زِيَادَةُ تَأْكِيدٍ فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لَكِنْ هَذَا يَرُدُّهُ تَصْرِيحُهُمْ مَتَى كَانَ الْحَاكِمُ فِي مَجْلِسِ الِاطِّلَاعِ لَا يَجُوزُ التَّأَخُّرُ لِلْبَائِعِ وَبِالْعَكْسِ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ عَلَى مَا سِوَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الذَّهَابُ إلَى
الْآخَرِ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ لِقَاءُ الْآخَرِ قَبْلَهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مَوْضِعُ الْحَاكِمِ وَالْبَائِعِ متساويين في القرب والبعد فيظهر التَّخَيُّرُ وَقَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمُرَّ بِهِ بِأَنْ يَكُونَا فِي جِهَتَيْنِ فَهَلْ نُوجِبُ الْمُضِيَّ إلَى الْأَقْرَبِ مِنْهُمَا أَوْ يَكُونُ التَّخْيِيرُ مُسْتَمِرًّا إطْلَاقُ كَلَامِهِمْ يَدُلُّ عَلَى الثَّانِي وَهَذَا الْفَرْعُ هُوَ الَّذِي وَعَدْتُ بِهِ وَلِأَجْلِ مَا فِيهِ قُلْتُ فِيمَا تَقَدَّمَ إنَّهُ إذَا مَرَّ فِي طَرِيقِهِ بِأَحَدِهِمَا لَا يُعْذَرُ فِي مُجَاوَزَتِهِ إلَى الْآخَرِ
*