يلزمه الْمُفْتِي أَنْ يَذْكُرَ لَهُ الدَّلِيلَ إنْ كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مقطوعا به لا فتقاره إلَى اجْتِهَادٍ يَقْصُرُ فَهْمُ الْعَامِّيِّ عَنْهُ وَالصَّوَابُ الاول

* (الْعَاشِرَةُ) إذَا لَمْ يَجِدْ صَاحِبُ الْوَاقِعَةِ مُفْتِيًا وَلَا أَحَدًا يَنْقُلُ لَهُ حُكْمَ وَاقِعَتِهِ لَا في بلده ولا في غَيْرِهِ قَالَ الشَّيْخُ هَذِهِ مَسْأَلَةُ فَتْرَةِ الشَّرِيعَةِ الْأُصُولِيَّةِ وَحُكْمُهَا حُكْمُ مَا قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَالصَّحِيحُ فِي كُلِّ ذَلِكَ الْقَوْلُ بِانْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ عَنْ الْعَبْدِ وَأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ حُكْمٌ لَا إيجَابٌ وَلَا تَحْرِيمٌ وَلَا غَيْرُ ذلك فلا يؤآخذ إذا صاحب الواقعة بأى شئ صَنَعَهُ فِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* بَابٌ فِي فُصُولٍ مُهِمَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمُهَذَّبِ وَيَدْخُلُ كَثِيرٌ مِنْهَا وَأَكْثَرُهَا فِي غَيْرِهِ أَيْضًا

فَصْلٌ إذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ قَوْلًا وَلَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ وَلَمْ يَنْتَشِرْ فَلَيْسَ هُوَ إجْمَاعًا وَهَلْ هُوَ حُجَّةٌ

فِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ الصَّحِيحُ الْجَدِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ حُجَّةٌ فَإِنْ قُلْنَا هُوَ حُجَّةٌ قُدِّمَ عَلَى الْقِيَاسِ وَلَزِمَ التَّابِعِيَّ الْعَمَلُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ وَهَلْ يَخُصُّ بِهِ الْعُمُومَ فِيهِ وَجْهَانِ وَإِذَا قُلْنَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَالْقِيَاسُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَيَسُوغُ لِلتَّابِعِيِّ مُخَالَفَتُهُ: فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ فَيَنْبَنِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ قُلْنَا بِالْجَدِيدِ لَمْ يَجُزْ تَقْلِيدُ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ بَلْ يَطْلُبُ الدَّلِيلَ وَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ فَهُمَا دَلِيلَانِ تَعَارَضَا فَيُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بكثيرة الْعَدَدِ فَإِنْ اسْتَوَى الْعَدَدُ قُدِّمَ بِالْأَئِمَّةِ فَيُقَدَّمُ مَا عَلَيْهِ إمَامٌ مِنْهُمْ عَلَى مَا لَا إمَامَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ عَدَدًا وَعَلَى الْآخَرِ أَقَلُّ إلَّا أَنَّ مَعَ الْقَلِيلِ إمَامًا فَهُمَا سَوَاءٌ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَدِ وَالْأَئِمَّةِ إلَّا أَنَّ فِي أَحَدِهِمَا أَحَدَ الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وفي الآخر غيرهما ففيه وجهان لا صحابنا أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَالثَّانِي يُقَدَّمُ مَا فِيهِ أَحَدُ الشَّيْخَيْنِ وَهَذَا كُلُّهُ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ فِي الْأُصُولِ وَأَوَائِلِ كُتُبِ الْفُرُوعِ: وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمُصَنِّفُ مِمَّنْ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ اللُّمَعِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَنْتَشِرْ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ فَأَمَّا إذَا انْتَشَرَ فَإِنْ خُولِفَ فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يُخَالِفْ فَفِيهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ الْأَرْبَعَةُ الْأُوَلُ ذَكَرَهَا أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ أحدها أَنَّهُ حُجَّةٌ وَإِجْمَاعٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ هَذَا الْوَجْهُ هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ: وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ حُجَّةٌ وَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الصَّيْرَفِيِّ: وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ فُتْيَا فَقِيهٍ فَسَكَتُوا عَنْهُ فَهُوَ حُجَّةٌ وَإِنْ كَانَ حُكْمَ إمَامٍ أَوْ حَاكِمٍ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ: قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هَذَا قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: وَالرَّابِعُ ضِدُّ هَذَا أَنَّهُ إنْ كَانَ الْقَائِلُ حَاكِمًا أَوْ إمَامًا كَانَ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ فُتْيَا لَمْ يَكُنْ إجْمَاعًا حَكَاهُ صَاحِبُ الْحَاوِي فِي خُطْبَةِ الْحَاوِي (?) وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ الْفُرُوقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015