وَعِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ هُنَا
* ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ وَالرَّافِعِيُّ رَحِمَهُمُ الله يقتضى أن الرضى بِالْعَيْبِ لَا يُبْطِلُ أَثَرَهُ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يُسْقِطُ الرَّدَّ بِهِ وَبِمَا هُوَ مِنْ سَبَبِهِ وَيَصِيرُ الْوَاقِعُ بِسَبَبِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ كَالْوَاقِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي عَدَمِ الْمَبِيعِ مِنْ الرَّدِّ وَهَذَا إنَّمَا يتجه على قول أبى اسحق الْقَائِلِ بِأَنَّ الْقَتْلَ بَعْدَ الْقَبْضِ بِالرِّدَّةِ السَّابِقَةِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَيُوجِبُ الرُّجُوعَ إلَى الثَّمَنِ إنْ صَحَّ جَرَيَانُ هَذَا الْوَجْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَطْعِ وَشَبَهِهَا وَقَدْ أَنْكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ كَمَا تَقَدَّمَ (أَمَّا) عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ إذَا قُتِلَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَكَانَ عَالِمًا بِرِدَّتِهِ لَا يرجع بشئ وَكَذَلِكَ فِي الْقَطْعِ وَزَوَالِ الْبَكَارَةِ جَزْمًا كَمَا تَقَدَّمَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ وَزَوَالُ الْبَكَارَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ كَعَيْبٍ جَدِيدٍ مَانِعٍ مِنْ الرَّدِّ بِعَيْبٍ آخَرَ (فَإِنْ قُلْتَ) جَعْلُهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ عَلَى الصَّحِيحِ يُوجِبُ مُسَاوَاتَهُ لِمَا وُجِدَ قبل القبض لكن لَا يُرَدُّ بِهِ لِرِضَاهُ بِسَبَبِهِ فَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ كَمَا لَوْ كَانَ عَيْبًا قَدِيمًا رَضِيَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ وَإِنْ كَانَ لا يرد به (قلت) لو جعلناه مَا بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فِي ذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ الْعَقْدُ بِالْقَتْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ عِنْدَ الْجَهْلِ أَمَّا عِنْدَ الْعِلْمِ فَلَا فإذا رضى بالعيب أبطل أثره وكلما وُجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَثَرِهِ فَلَيْسَ مَنْسُوبًا إلَى الْبَائِعِ بَلْ هُوَ حَادِثٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي نَاشِئٌ مِمَّا رَضِيَ بِهِ وَلَيْسَ إحَالَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِرِضَاهُ بِسَبَبِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ (فَإِنْ قُلْتَ) لَعَلَّ كَلَامَ الْقَاضِي وَالرَّافِعِيِّ وَالْبَغَوِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ فرعوا ذلك على قول أبى اسحق (قُلْت) لَا لِأَمْرَيْنِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا قول أبى اسحق فِي هَذِهِ الصُّوَرِ مَعَ الْعِلْمِ بَلْ كَلَامُهُمْ وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِعَدَمِ جَرَيَانِهِ هُنَا (وَالثَّانِي) أَنَّهُمْ قَالُوا إذَا قُلْنَا مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَقَدَّمُوا أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ هَذَا الْبَحْثُ وَالْجَوَابُ عَنْهُ إنْ أَمْكَنَ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِيمَا إذَا بَاعَ جَارِيَةً حَامِلًا وَنَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ وَعَلِمَ بِهَا عَيْبًا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
*
* (فَرْعٌ)
* زَوَالُ الْبَكَارَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ عَيْبٌ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مِمَّا يُظَنُّ بَكَارَتُهَا فِي الْعَادَةِ لِصِغَرِ سِنِّهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا لَمَّا دَخَلَتْ فِي الْعَقْدِ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُسَلَّمُ لَهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا كَاتِبًا أَوْ مُتَّصِفًا بصفة تريد فِي ثَمَنِهِ ثُمَّ زَالَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ بِنِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَوَاتُهَا عَيْبًا قَبْلَ وُجُودِهَا
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا لَا شَكَّ فيه
*