ثَبَتَ بِالتَّدْلِيسِ بِمَا لَيْسَ بِعَيْبٍ فَثُبُوتُهُ بِالتَّدْلِيسِ بِالْعَيْبِ الْمُحَقَّقِ أَوْلَى هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي يَقُولُ بِالتَّصْرِيَةِ لَيْسَ بِعَيْبٍ يَجْعَلُهَا كَالشَّرْطِ وَيُلْحَقُ الْخِيَارُ فِيهَا بِخِيَارِ الْخُلْفِ وَحِينَئِذٍ قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِ التَّصْرِيَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ فِعْلِ الْبَائِعِ كَالشَّرْطِ جَعْلُ التَّدْلِيسِ بِالْعَيْبِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَلَئِنْ جَعَلْنَا التَّدْلِيسَ بِالْعَيْبِ كَذَلِكَ فَالْعَيْبُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ لَا يُمْكِنُ دَعْوَى ذَلِكَ فِيهِ وَمَعَ ذَلِكَ الْخِيَارُ ثَابِتٌ بِهِ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ الطَّرِيقَةُ الَّتِي سَلَكَهَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا أَوْلَى فِي الِاسْتِدْلَالِ وَأَسْلَمُ عَنْ الِاعْتِرَاضِ نَعَمْ هُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ إنَّ التَّصْرِيَةَ عَيْبٌ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي رَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَجِيزِ أَنَّ الْخِيَارَ فِيهَا مُلْحَقٌ بِخِيَارِ الْخُلْفِ فَلَا لِأَنَّ سَبَبَ الْخِيَارِ فِي الْمُصَرَّاةِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا إخْلَافُ الشَّرْطِ الْمُلْتَزَمِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي مَسْأَلَتِنَا فَالْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ جَعَلَ الْجَامِعَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَدَمَ حُصُولِ الْمَبِيعِ السَّلِيمِ فَعَلَى مَا اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ لَا يَأْتِي إلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ مَقِيسًا عَلَى الِالْتِزَامِ الشَّرْطِيِّ وَكَذَلِكَ فَعَلَ هُوَ فِي الْوَسِيطِ تَنْزِيلًا لِغَلَبَةِ السَّلَامَةِ مَنْزِلَةَ الِاشْتِرَاطِ ثُمَّ لَكَ أَنْ تَجْعَلَ الِالْتِزَامَ الشَّرْطِيَّ أَصْلًا يُكْتَفَى بِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الْوَسِيطِ وَلَكَ أَنْ تَرُدَّهُ إلَى التَّصْرِيَةِ لِوُرُودِ النَّصِّ
فِيهَا وَقَدْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْقِيَاسِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ حَدِيثٌ وَإِجْمَاعٌ أَمَّا الْحَدِيثُ فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا بِفَصْلٍ فِي الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ خَاصَمَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَأَنَّهُ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ " وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَأَمَّا) الْإِجْمَاعُ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْجُمْلَةِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شيئا ولم يبين له البائع لعيب فِيهِ وَلَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي سَلَامَةً وَلَا اشْتَرَطَ الْإِخْلَاءَ بِهِ وَلَا بَيْعَ مِنْهُ بِبَرَاءَةٍ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا كَانَ بِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَكَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ يُمْكِنُ الْبَائِعَ مَعْرِفَتُهُ وَكَانَ يَحُطُّ مِنْ الثَّمَنِ حَطًّا لَا يَتَغَابَنْ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ