الصَّحِيحَ أَنَّ اللَّبَنَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مِنْ غَيْرِ رَدِّ بَدَلِهِ وَلَا مَعَ بَدَلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ
تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَرَدِّ الشَّاةِ بَعْدَ تَعَيُّبِهَا بِمَا لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْوُقُوفِ عَلَى الْعَيْبِ وَلِأَنَّ الصَّاعَ الَّذِي جُعِلَ بَدَلًا عَنْ اللَّبَنِ وَرَدَ فِي الْمُصَرَّاةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي لِأَنَّهُمْ بَنَوْهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي رَدِّ لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ عِنْدَ بَقَائِهِ وَالصَّحِيحُ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ قَبُولُهُ وَمُقْتَضَى الْبِنَاءِ أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَرُدُّ وَيَأْخُذُ الْأَرْشَ وَأَخْذُ الْأَرْشِ فِي الْقِسْمَيْنِ إذَا قُلْنَا بِامْتِنَاعِ الرَّدِّ سَوَاءٌ كَانَ اللَّبَنُ بَاقِيًا أَوْ تالفا وان سكنوا عَنْهُ فَالصَّحِيحُ حِينَئِذٍ امْتِنَاعُ الرَّدِّ مُطْلَقًا فِي الْقِسْمَيْنِ (وَأَمَّا) قَوْلُ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ إنَّهُ يَرُدُّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ مُطْلَقًا فِي الْقِسْمَيْنِ فَفِيهِ بُعْدٌ فَإِنَّ فِي الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي الْمُصَرَّاةِ إنْ صَحَّ قِيَاسُ هَذِهِ عَلَيْهِ وَجَبَ أَنْ يَرُدَّ التَّمْرَ كَمَا قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ قِيَاسُهَا عَلَى الْمُصَرَّاةِ وَجَبَ أَنْ يُجْرَى فِيهَا عَلَى حُكْمِ الْقِيَاسِ فَيَمْتَنِعَ الرَّدُّ كما قاله أبو الطيب ومن وافقه فقول الْمَاوَرْدِيُّ مُخَالِفٌ لِلْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَأَحْسَنُهَا أحد قولين (إمَّا) قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ وَمَنْ وَافَقَهُ (وَإِمَّا) قَوْلُ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُرَجَّحٌ (أَمَّا) قَوْلُ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ فَلِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ مِنْ الشَّارِعِ فِي الْمُصَرَّاةِ أَنَّ بَدَلَ اللَّبَنِ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بدلا له في المصراة في غيرها لاسيما وَالْمَعْنَى الَّذِي ثَبَتَ لِأَجْلِهِ مِنْ قَطْعِ التَّنَازُعِ مَوْجُودٌ هَهُنَا فَيَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمُصَرَّاةِ (وَأَمَّا) قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَبِي الطَّيِّبِ وَمَنْ وَافَقَهُمَا فَيُرَجِّحُهُ الْجَرَيَانُ عَلَى الْقِيَاسِ الْكُلِّيِّ فِي غَيْرِ الْمُصَرَّاةِ وَقَصْرُ الْحُكْمِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَحَلِّ النَّصِّ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ فَلَا يَتَعَدَّى بِهِ مَحَلَّهُ وَالْمُخْتَارُونَ لِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَكْثَرُ وَقَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ إنَّهُ ظَاهِرُ المذهب وعندي في الترجيح بين القولين نظران قَوِيَ الْقِيَاسُ عَلَى الْمُصَرَّاةِ يَتَرَجَّحُ قَوْلُ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ وَإِلَّا يُرَجَّحُ قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ وَهُوَ وَمَنْ وَافَقَهُ يُجِيبُونَ عَنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْمُصَرَّاةِ بِأَنَّ الْمُصَرَّاةَ حَلْبُهَا لِاسْتِعْلَامِ الْعَيْبِ بِخِلَافِ هَذِهِ وَالْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ أَمْيَلُ مِنْهُ إلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَالْعَجَبُ أَنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَذَا وَلَا حَكَاهُ هَذَا إذا كان عند العذر لَبَنٌ مَوْجُودٌ لَهُ قِيمَةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ