عَلَى الصَّحِيحِ وَبِهَذَا التَّحْقِيقِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقِسْمُ مِنْ الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى وَلَا يَكُونُ مِنْ الْمَرْتَبَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا فِي كَلَامِ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ لِكَوْنِهِ مِنْ صُوَرِ الْخِلَافِ فِي الْجُمْلَةِ نَعَمْ كَلَامُ الصَّيْدَلَانِيِّ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ ضَعْفِ الظَّنِّ وَتَصَوُّرِ الْفِعْلِ يَقْتَضِي التَّرَدُّدَ فِي إلْحَاقِهِ بِالتَّصْرِيَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ رَحِمَهُ اللَّهُ رَدَّ الْوَجْهَ الثَّانِيَ بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِهِ أَيْ لَا اعْتِبَارَ بِغَرَضِ الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِمَا يَزِيدُ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ لِعُمُومِ النَّاسِ وَهَذَا سَيَأْتِي مِثْلُهُ أَيْضًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَنَّهَا ثَيِّبٌ فَخَرَجَتْ بِكْرًا وَقَدْ حَكَى الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِ السُّبُوطَةِ فَخَرَجَتْ جَعْدَةً

قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِخُرَاسَانَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَجْهًا وَاحِدًا لِأَجْلِ التَّصْرِيحِ وَقِيلَ فيه وجهان فحصل في كل من المسئلتين طَرِيقَانِ (الصَّحِيحُ فِيهِمَا) إجْرَاءُ الْوَجْهَيْنِ وَقِيلَ فِي المسألة الشرط يثبت قطعا وقيل في المسألة التَّدْلِيسِ لَا يَثْبُتُ قَطْعًا (الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ) الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ ما يضعف الظن فيه الخلاف فِي هَذَا الْقِسْمِ فِي إلْحَاقِهِ بِالتَّصْرِيَةِ لِأَجْلِ التَّغْرِيرِ وَالظَّنِّ أَوَّلًا لِضَعْفِ الظَّنِّ فِي هَذَا الْقِسْمِ وَقُصُورِهِ عَلَى الشَّرْطِ وَالظَّنِّ الْمُسْنَدِ إلَى أَمْرٍ غَالِبٍ فَمِنْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ هذا يقرب استكشافه وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ بِخِلَافِ تَسْوِيدِ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي هَذَا الْقِسْمِ فَمِنْ ذَلِكَ لَوْ لَطَخَ ثَوْبَ الْعَبْدِ بِالْمِدَادِ أَوْ أَلْبَسَهُ ثَوْبَ الْكَتَبَةِ وَالْخَبَّازِينَ أَوْ سَوَّدَ أَنَامِلَهُ وَخُيِّلَ كَوْنُهُ كَاتِبًا أَوْ خَبَّازًا فَبَانَ خِلَافَهُ فَوَجْهَانِ

(أَحَدُهُمَا)

يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلتَّلْبِيسِ (وَأَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وغيره لاخيار وَبِهِ جَزَمَ الْجُرْجَانِيُّ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَلْبِسُ ثَوْبَ غَيْرِهِ عَارِيَّةً فَالذَّنْبُ لِلْمُشْتَرِي حَيْثُ اغْتَرَّ بِمَا لَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ تَغْرِيرٍ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَلْبَسَهُ ثَوْبَ الْأَتْرَاكِ فَظَنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَمْلُوكَ تُرْكِيٌّ وَكَانَ رُومِيًّا فَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْثَرَ عَلْفَ الْبَهِيمَةِ حَتَّى انْتَفَخَ بَطْنُهَا فَتَخَيَّلَ الْمُشْتَرِي كَوْنَهَا حَامِلًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي قَوْلًا عَنْ الاصحاب والرافعي وكذلك لَوْ أَرْسَلَ الزُّنْبُورَ فِي ضَرْعِهَا حَتَّى انْتَفَخَ وَظَنَّهَا الْمُشْتَرِي لَبُونًا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالرَّافِعِيُّ أَيْضًا لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَكَادُ يَلْتَبِسُ عَلَى الْخَبِيرِ وَمَعْرِفَةُ اللَّبَنِ مُتَيَسِّرَةٌ بِعَصْرِ الثَّدْيِ بِخِلَافِ صُورَةِ التصرية وكثرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015