كَذَا وَكَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا لَا يَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ وَقِيلَ فِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَصِحُّ وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي الِانْتِصَارِ إنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لِلْمُصَنِّفِ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَطْلَقَ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ نَقْلٌ خَارِجٌ وَمِمَّنْ حَكَى الْخِلَافَ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ الْعُمْرَانِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لِلْمُصَنِّفِ وَكَذَلِكَ حَكَاهُ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَنَّ الشَّاةَ تَضَعُ لِرَأْسِ الشَّهْرِ مثلا والمشهور في المسئلتين الْقَطْعُ بِالْفَسَادِ وَلَمْ أَرَ الْخِلَافَ إلَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالرُّويَانِيِّ وَصَاحِبِ الْعُدَّةِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحْدَهُ كَافٍ فِي النَّقْلِ فَهُوَ الثِّقَةُ الْأَمِينُ وَلَا يُسْتَبْعَدُ ذَلِكَ من جهة الْمَعْنَى فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يُعْلَمُ بِالْعَادَةِ فَإِنَّ الشَّاةَ الَّتِي خَبِرَهَا الْبَائِعُ وَجَرَّبَهَا دَائِمًا وَهِيَ تُدِرُّ كُلَّ يَوْمٍ مِقْدَارًا مَعْلُومًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَهَذَا الْعَقْدُ الَّذِي جَرَّبَ وُجُودَهُ مِنْهَا فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ دَوَامُهُ أَمَّا وَضْعُ الْحَمْلِ لِرَأْسِ الشَّهْرِ الْمَنْقُولِ عَنْ الْعُمْرَانِيِّ فَذَلِكَ بَعِيدٌ إلَّا عَلَى إرَادَةِ التَّقْرِيبِ الْكَثِيرِ نَعَمْ هَهُنَا كَلَامَانِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنَّ الْفَرْقَ ظَاهِرٌ بَيْنَ اشْتِرَاطِ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ اللَّبَنِ وَاشْتِرَاطُ الْحَمْلِ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ كَوْنِهَا حَامِلًا نَظِيرُهُ اشْتِرَاطُ مِقْدَارٍ مِنْ اللَّبَنِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَاشْتِرَاطِ مِقْدَارٍ أَوْ وَصْفٍ
فِي الْحَمْلِ وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ به (واعلم) أن ههنا ثلاثة مَرَاتِبَ (إحْدَاهَا) يُشْتَرَطُ مِقْدَارٌ أَوْ وَصْفٌ فِي الْحَمْلِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى عِلْمِهِ وَلَا ظَنِّهِ (الثَّانِيَةُ) اشْتِرَاطُ أَصْلِ الْحَمْلِ وَاللَّبَنِ وَهَذَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ لانه معلوم موجود عليه أمارات ظاهرة (الثَّالِثَةُ) اشْتِرَاطُ مِقْدَارٍ مِنْ اللَّبَنِ فَهَذَا قَدْرٌ يَقُومُ عَلَيْهِ أَمَارَةٌ لِعَادَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَنَحْوِهَا وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَشْبَهَ الْحَمْلَ وَيُفَارِقُهُ مِنْ جِهَةِ أنه متعلق بأمر مستقبل يخرج كثيرا فللذلك جرى التردد فيه (الثاني) أن بناء المصنف الْوَجْهَيْنِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ الْحَبَلِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ صِحَّةَ الشَّرْطِ هَهُنَا لِأَنَّ الشَّرْطَ صِحَّةُ اشْتِرَاطِ الْحَبَلِ لَكِنَّ ابْنَ أَبِي عَصْرُونٍ مِمَّنْ وَافَقَ الْمُصَنِّفَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى حكاية الخلاف صحح الْبُطْلَانَ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَطَعُوا بِهِ وَالْفَرْقُ مَا قَدَّمْتُهُ وَجَعَلْتُهُ مِنْ رُتْبَةٍ مُنْحَطَّةٍ غَيْرِ رُتْبَةِ أَصْلِ الْحَمْلِ وَاللَّبَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
*