كَلَامُهُ فِي الْجَارِيَةِ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ تُوَافِقُ طَرِيقَةَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي إلْحَاقِهَا بِالْجَارِيَةِ عَلَى قَوْلِ طَهَارَةِ اللَّبَنِ وَحِلِّهِ وَتُخَالِفُهَا فِي أَنَّ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَحْكِ الْقَوْلَ بِتَحْرِيمِ اللَّبَنِ مَعَ طَهَارَتِهِ وَلَا التَّفْرِيعَ عَلَيْهِ وَفِي أَنَّ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَبْنِ الْخِلَافَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْخِلَافِ فِي النَّجَاسَةِ وَإِنَّمَا حَكَى الْخِلَافَ فِي الرَّدِّ وَفِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ غَيْرَ

الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ (فَإِنْ قُلْنَا) بِشُمُولِ الْحُكْمِ لِلْجَمِيعِ فَالْمَاوَرْدِيُّ جَازِمٌ عَلَى قَوْلِنَا بنجاسة اللبن يرد الاتان ولا شئ مَعَهَا وَالْإِمَامُ مُقْتَضَى كَلَامِهِ التَّرَدُّدُ فِي رَدِّهَا وَطَرِيقَةُ الْإِمَامِ تُخَالِفُ طَرِيقَةَ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا وَلِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِمْسَاكِهَا بِالْأَرْشِ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِطَهَارَةِ اللَّبَنِ مَعَ تَحْرِيمِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي اخْتِصَارِ النِّهَايَةِ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ من التردد في ثبوت الخيار فتلخص مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ (أَحَدُهَا) أَنَّهُ يردها ويرد معها بدل اللبن (الثاني) أنه يردها ولا يرد معها شيأ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي التَّنْبِيهِ (وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ لَا يَرُدُّهَا وَيَأْخُذُ الْأَرْشَ (الرَّابِعُ) الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِمَامِ أَنَّهُ لا يردها ولا شئ لَهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ صُوَرِ الْخِلَافِ وَمُرَادُهُ بِهِ إلْحَاقُهُ بِالْمَرْتَبَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ بَيْنَ الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا وَيَأْتِي ذِكْرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَجْعِيدِ شَعْرِ الْجَارِيَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَقْتَضِي كَلَامُ الْإِمَامِ الْمَذْكُورُ إثْبَاتَ وَجْهٍ كَمَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ وَكَذَلِكَ يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيُّ حَيْثُ أَلْحَقَ الْأَتَانَ بِالْجَارِيَةِ وَحَيْثُ حَكَى الْخِلَافَ فِي سَائِرِ الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا غَيْرِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ وَالْبَغْدَادِيِّينَ فِي أَنَّ التَّصْرِيَةَ فِيهَا عَيْبٌ أَوْ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ وَكَلَامُ غَيْرِهِ أَيْضًا وَهَذَا الْوَجْهُ لَيْسَ مَذْكُورًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَيْضًا مَعَ قَوْلِهِ أَنْ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا عَيْبٌ وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ الْقَائِلُ بِعَدَمِ الْخِيَارِ مُسْتَمَدٌّ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّ التَّصْرِيَةَ فِي ذَلِكَ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ فَيُجَوِّزُونَ الْأَوْجُهَ الْأَرْبَعَةَ وَهِيَ نَظِيرُ الْأَوْجُهِ الْأَرْبَعَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015