الامام بذلك أَنَّ الثَّدْيَ إذَا كَانَ لَا يُرَى غَالِبًا وَلَا يَحْصُلُ فِيهِ قَصْدُ التَّغْرِيرِ غَالِبًا فَلَمْ يتحقق كضرع الناقة والشاة الذى هو مرئ الْغَالِبِ وَمَقْصُودُهُ بِمَا قَالَهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ لَبَنَ الْجَارِيَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ أَيْ فِي الْغَالِبِ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ إلَّا عَلَى نُدُورٍ لِأَجْلِ الْحَضَانَةِ فَلَا يُلْتَحَقُ بِمَا هُوَ مَقْصُودٌ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُغْتَرَّ بِرُؤْيَةِ الْحَلَمَةِ وَهُوَ الثَّدْيُ إذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَهَلْ التَّصْرِيَةُ فِي الْجَارِيَةِ عَيْبٌ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ (وَقَالَ) الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهَا عَيْبٌ لِأَمْرَيْنِ

(أَحَدُهُمَا)

الرَّغْبَةُ فِي رَضَاعِ الْوَلَدِ

(وَالثَّانِي)

أَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ تُحَسِّنُ الثَّدْيَ لِأَنَّهُ يَعْلُو وَلَا يَسْتَرْسِلُ هَكَذَا قَالَ أَبُو حَامِدٍ وَلَكِنَّ غَيْرَهُ مُصَرِّحٌ بِالْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَشَبَّهُوهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِمَا إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَبَانَتْ اخته فلا خيار لان الوطئ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ غَيْرُ مَقْصُودٍ إذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ أَصْلُهَا وَجْهَانِ وَقِيلَ قَوْلَانِ

(أَحَدُهُمَا)

أَنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ سريج وابن سلمة فيما حكاه الجوزى (وَالْآخَرُ) يَرُدُّهَا وَلَا يَرُدُّ بَدَلَ اللَّبَنِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ فِي الْغَالِبِ وَإِنْ كَانَ متقوما وهذا معني الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِالْعِوَضِ وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ مُنْفَرِدًا لِأَنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ بَيْعِهِ وَهَذَا الْوَجْهُ ذَكَرَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى مَا حَكَاهُ الْإِمَامُ وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ مَذْكُورٌ فِي الْحَاوِي وَفِيمَا عَلَّقَهُ سُلَيْمٌ عَنْ أَبِي حَامِدٍ (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) أَنَّهُ لَا يُرَدُّ وهذا قول أبى حفص ابن الوكيل على ما يقتضيه كلام الجوزى وَعَلَى هَذَا فَوَجْهَانِ

(أَحَدُهُمَا)

وَهُوَ الثَّالِثُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ أي ولا شئ لَهُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا الْوَجْهُ لَمْ يَذْكُرْهُ الرَّافِعِيُّ وَلَكِنْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ التَّصْرِيَةَ فِي ذَلِكَ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ (وَالْآخَرُ) وَهُوَ الرَّابِعُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الرَّدِّ وَاخْتُلِفَ فِي مَأْخَذِهِ فَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ذَكَرَهُ فِيمَا عَلَّقَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ لا خلاف في أنها عيب إلى مُسْتَدِلًّا بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ حَسَنٌ وَاسْتَدَلَّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ بِأَنَّهَا نَقَصَتْ عِنْدَهُ

فَهَذَا الْوَجْهُ بِهَذَا التَّعْلِيلِ مَعَ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ثَلَاثَتُهَا مُفَرَّعَةٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّ التَّصْرِيَةَ فِي ذَلِكَ عَيْبٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015