الْمَدِينَةِ وَهُوَ أَخَصُّ فَإِنَّ الْحِجَازَ يَشْمَلُ مَكَّةَ والمدينة واليمامة ومحاليفها كَمَا فَسَّرَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُيَسِّرَ عَلَيْنَا الْوُصُولَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فِي خَيْرٍ وَعَافِيَةٍ (وَقَالَ) ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ مَنْ أَطْلَقَ الْحِجَازَ أَرَادَ الْمَدِينَةَ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لِأَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ فِيهَا وَيُوَافِقُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِعْوَازِ يُرْجَعُ إلَى قِيمَةِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ عَلَى قول أبى إسحق (وَأَمَّا) الْإِمَامُ فَإِنَّهُ قَالَ إنْ لَمْ نَرَ إيجَابَ الصَّاعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ اعْتَبَرْنَا الْقِيمَةَ الْوَسَطَ لِلتَّمْرِ بِالْحِجَازِ وَاعْتَبَرْنَا بِحَسَبِ ذَلِكَ قِيمَةَ مِثْلِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ اللَّبُونِ بِالْحِجَازِ وَإِذَا نَحْنُ فَعَلْنَا هَكَذَا جَرَى الْأَمْرُ فِي الْمَبْذُولِ عَلَى الْحَدِّ الْمَطْلُوبِ وَهَكَذَا الْكَلَامُ مِنْ الْإِمَامِ فِيهِ إجْمَالٌ (وَقَالَ) الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ عَلَى هَذَا الوجه يعدل بالقيمة فنقول قيمة شاة وَسَطٌ وَقِيمَةُ صَاعٍ وَسَطٌ فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ (فَإِنْ قِيلَ) هُوَ عُشْرُ الشَّاةِ مَثَلًا أَوْجَبْنَا مِنْ التَّمْرِ مَا هُوَ قِيمَةُ عُشْرِ الشَّاةِ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي اخْتِصَارِهِ لِلنِّهَايَةِ إنَّهُ يُعْتَبَرُ قِيمَةُ تِلْكَ الْمُصَرَّاةِ بِالْحِجَازِ والقيمة المتوسطة للتمر بالحجاز فتجب مِنْ التَّمْرِ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ الْمَذْكُورُ كَالظَّاهِرِ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَتَنْزِيلُهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِمَامُ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي حَكَاهُ الْعِرَاقِيُّونَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى مُقْتَضَى نَقْلِهِ يَتَفَرَّعَانِ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الصَّاعُ وَأَمَّا الْوَجْهُ الْآخَرُ الَّذِي حَكَاهُ فِي صَدْرِ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ مِقْدَارُ قِيمَةِ اللَّبَنِ مِنْ التَّمْرِ كَيْفَ كَانَ فَلَمْ نَذْكُرْهُ هُنَا لِأَنَّهُ قَسِيمُ الْوَجْهِ الذى عليه يفرغ فَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا إلَّا وَجْهَ التَّعْدِيلِ وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي لَبَنِ الْجَارِيَةِ الْمُصَرَّاةِ قَدْرُ قِيمَةِ اللَّبَنِ مِنْ التَّمْرِ أَوْ الْقُوتِ لَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ بِهِ الْوَجْهُ المذكور هناك في صدر كلامه ولا يجئ عَلَيْهِ قَوْلُ التَّعْدِيلِ وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ إذَا قِيلَ هُوَ عُشْرُ الشَّاةِ مَثَلًا أَوْجَبْنَا مِنْ التَّمْرِ مَا هُوَ قِيمَةُ عُشْرِ الشَّاةِ مُرَادُهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - بِالشَّاةِ الْأُولَى الشَّاةُ الْوَسَطِ وَبِالشَّاةِ الثَّانِيَةِ الشَّاةُ الْمُصَرَّاةُ الْمَبِيعَةُ مِثَالُهُ إذَا قِيلَ قِيمَةُ الصَّاعِ الْوَسَطِ فِي الْغَالِبِ دِرْهَمٌ وَقِيمَةُ شَاةٍ وَسَطٍ فِي الْغَالِبِ عَشَرَةٌ وَقِيمَةُ الشَّاةِ الْمَبِيعَةِ خَمْسَةٌ فَإِنَّا نُوجِبُ مِنْ الصَّاعِ نِصْفَ عُشْرِ مَا يُسَاوِي عُشْرَ قِيمَةِ