الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ الْوَجْهَيْنِ وَفَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا لَوْ بَلَغَتْ قِيمَةُ الصَّاعِ قِيمَةَ الشَّاةِ أَوْ زَادَتْ وَذَلِكَ يُوَافِقُ مَا حَكَاهُ
الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ حَكَى عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ زَادَتْ قِيمَةُ الصَّاعِ عَلَى مِثْلِ نِصْفِ قيمة الشاة فالوجهان جاريان وليس في شئ مِنْ ذَلِكَ مُنَافَاةٌ فَإِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ سَاكِتٌ عَنْ حُكْمِ مَا إذَا زَادَتْ عن النصف ونقصت عن الشاة وكلام أبو الطَّيِّبِ وَمَنْ وَافَقَهُ فِيهِ زِيَادَةُ بَيَانٍ أَنَّ الخلاف فيها أيضا والقطع فيما إذَا نَقَصَ عَنْ النِّصْفِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ بَعْضِهِمْ إطْلَاقُ حِكَايَةَ الْخِلَافِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الصَّاعِ مِثْلَ نِصْفِ قِيمَةِ الشَّاةِ أَوْ أَقَلَّ وَجَبَ رَدُّهُ عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ سُلَيْمٌ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَفِي تَعْلِيقِ أَبِي حَامِدٍ مِنْ طَرِيقِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْمُجَرَّدِ مِنْهَا ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ فِي النِّصْفِ كَالْأَكْثَرِ وَذَكَرَ الْعِجْلِيُّ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْوَسِيطِ وَالْوَجِيزِ وَجْهًا بِالتَّعْدِيلِ أَبَدًا أَيْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ أَوْ أَكْثَرَ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي تَقَدَّمَتْ حِكَايَتُهُ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ في ذكرهم الخلاف عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي تَفَاوُتِ ذَلِكَ بِتَفَاوُتِ اللَّبَنِ وَزِيَادَةُ قِيمَةِ التَّمْرِ عَلَى الشَّاةِ أَوْ نِصْفِهَا فَرَضُوهُ فِي بِلَادٍ يَكُونُ التَّمْرُ بِهَا عَزِيزًا كَخُرَاسَانَ وَالْوَجْهَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ مَشْهُورَانِ فِي طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا غَيْرُهُمْ إلَّا مَنْ حَكَاهُمَا عَنْهُمْ كَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا وَذِكْرُهُمَا عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا تَقَدَّمَ لَا يُعْرَفُ إلَّا فِي طَرِيقَةِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَالْعِلَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي الْفَرْضِ الَّذِي فَرَضَهُ هُوَ لَا فِيمَا فَرَضَهُ أَبُو الطَّيِّبِ وَمُوَافِقُوهُ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا عَدَلَ عَنْ الصُّورَةِ الَّتِي فَرَضَهَا أَبُو الطَّيِّبِ لِذَلِكَ حَتَّى يَصِحَّ استدلاله وفى كلام الامام تعليله بمعنى يكون اطِّرَادُهُ فِيهِمَا فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ نَصَّ عَلَى الصَّاعِ مِنْ التَّمْرِ فَقَدْ أَفْهَمْنَا أَنَّهُ مَبْذُولٌ فِي مقابلة شئ فَائِتٍ مِنْ الْمَبِيعِ يَقَعُ مِنْهُ مَوْقِعَ التَّابِعِ مِنْ الْمَتْبُوعِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَعَدَّى عَلَى هذا حد التابع والغلو في كل شئ مَذْمُومٌ وَقَدْ يَغْلُو الْمَبِيعُ لِلَفْظِ الشَّارِعِ فَيَقَعُ فِي مَسْلَكِ أَصْحَابِ الظَّاهِرِ وَوَجْهُ الْغَزَالِيِّ رَحِمَهُ بِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدَّرَهُ بِهِ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَرِيبًا مِنْ قِيمَةِ اللَّبَنِ الْمُجْتَمِعِ فِي الضَّرْعِ وَلَكَ أَنْ تَقُولَ إنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يُضْبَطَ ذلك بنصف