الِاحْتِمَالِ الثَّانِي يَتَعَيَّنُ مَا تَقَدَّمَ وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ رَدُّ التَّمْرِ أَوْ اللَّبَنِ بِاتِّفَاقِهِمَا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ إقَامَةٌ لِغَيْرِ الْمَبِيعِ مَقَامَ الْمَبِيعِ فِي حُكْمِ الرَّدِّ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ
*
* (فَرْعٌ)
* وَلَوْ كَانَتْ الْمُصَرَّاةُ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ هَلْ يَرِدُ أَدَاءُ الْوَاجِبِ بِذَلِكَ لَمْ أَقِفْ لِأَصْحَابِنَا عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ لَكِنْ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْحَنْبَلِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ نَقَلَ فِي شَرْحِ الْمُقْنِعِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَرُدُّ مَعَ كُلِّ مُصَرَّاةِ صَاعًا لِقَوْلِهِ مَنْ اشْتَرَى غَنَمًا (قُلْتُ) وَمِمَّنْ ذهب إلى ذلك ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ وَزَعَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ ذَلِكَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ (قَالَ) وَمَا أَظُنُّ أَصْحَابَنَا يَسْمَحُونَ بِذَلِكَ وَهَذَا مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لم يقف في ذلك على نُقِلَ وَكَذَلِكَ أَنَا لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ إلَّا مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ نَقْلِ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ فِي لَبَنِ شِيَاهٍ عِدَّةٍ أَوْ بَقَرَاتٍ عِدَّةٍ إلَّا الصَّاعُ عِبَادَةً وَتَسْلِيمًا
*
* (فَرْعٌ)
* اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ رَدُّ مِثْلِ اللَّبَنِ التَّالِفِ
لِأَنَّ الصَّاعَ بَدَلُ اللَّبَنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ وَيُفْهَمُ الْمَعْنَى وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ يَجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ مَعَ التَّمْرِ إنْ كَانَ تَالِفًا وعينه ان كان باقيا وذلك فِي اللَّبَنِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَأَجَابَ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْحَلْبَةَ مَصْدَرٌ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْمَحْلُوبِ مَجَازٌ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ رَدُّ اللَّبَنِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ بِلَفْظٍ فِيهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَكَانَ بِمَا احْتَلَبَ مِنْ لَبَنِهَا وهو يدل على أنه بدل المحلوب لكن فِي سَنَدِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ
*
* (فَرْعٌ)
* فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ يَرُدُّ مَعَهَا قِيمَةَ اللَّبَنِ هَكَذَا نَقَلَ عَنْهُمَا ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ ابْنُ حَزْمٍ عَنْهُمَا أَنَّهُ يَرُدُّ قِيمَةَ صَاعٍ وَقَالَ مَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ يُؤَدِّي أَهْلُ بلد