بِالْمَدِينَةِ عَلَى وَجْهٍ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ عَلَى حِكَايَتِهِ وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى قول أبى اسحق فِيمَا إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الصَّاعِ عَلَى الشَّاةِ وَاعْتِبَارُ قِيمَةِ الْحِجَازِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَمْرُ الْحِجَازِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ بَدَلٌ عَنْهُ فَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ تَمْرَ الْبَلَدِ لَأَخْرَجَ قِيمَتَهُ (قُلْتُ) مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ هُنَا مِنْ تَعَيُّنِ تَمْرِ الْبَلَدِ

وَتَأَيَّدَ بِالنَّظَائِرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي الَّذِي نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ عِنْدَ إعْوَازِ التَّمْرِ يُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي أَقْرَبِ بِلَادِ التَّمْرِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الرَّافِعِيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ (وَأَمَّا) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ وَاقْتَصَرُوا عَلَيْهِ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيمَةُ الْحِجَازِ فَذَلِكَ إنَّمَا قَالُوهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ وَقَدْ يَكُونُ أَبُو إِسْحَاقَ لَا يُوَافِقُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ النَّصُّ من تعين تمر الْبَلَدِ وَهُوَ بَعِيدٌ أَوْ يُوَافِقُ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَ الْوُجُودِ تَمْرُ الْبَلَدِ فَإِنْ أَعْوَزَ رَجَعَ إلَى قِيمَةِ الْحِجَازِ وَهُوَ بَعِيدٌ أَيْضًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حِكَايَةِ الْأَصْحَابِ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ قِيمَةَ الْحِجَازِ عِنْدَ الْإِعْوَازِ عَلَى الْمَذْهَبِ ولا شك أن مقتضى قول أبى اسحق اعْتِبَارُهَا فَإِنَّهُ إذَا اعْتَبَرَهَا فِي غَيْرِ حَالَةِ الْإِعْوَازِ فَفِي حَالَةِ الْإِعْوَازِ أَوْلَى فَتَخَلَّصَ أَنَّ التَّمْرَ الَّذِي يَجِبُ رَدُّهُ هُوَ تَمْرُ الْبَلَدِ عَلَى ظَاهِرِ النَّصِّ وَفِيهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي اسحق مَا ذَكَرْتُهُ وَإِذَا أَوْجَبْنَا تَمْرًا فَعَدَلَ إلَى تَمْرٍ أَعْلَى مِنْهُ جَازَ كَمَا قَالُوهُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَفِي الشَّاةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ الْإِبِلِ وَلَوْ عَدَلَ إلَى مَا دُونَهُ لَمْ يُجِزْهُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الشَّاةِ هَذَا عِنْدَ الْوُجُودِ وَعِنْدَ الْإِعْوَازِ الْوَاجِبُ قِيمَتُهُ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَقِيلَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ إذَا عَدَلَ عِنْدَ الْوُجُودِ إلَى نَوْعٍ أَعْلَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْعُدُولِ إلَى جِنْسٍ آخَرَ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي السَّلَمِ إنَّ اخْتِلَافَ النَّوْعِ كَاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ هَهُنَا بِغَيْرِ التَّرَاضِي وَيَجُوزُ بِالتَّرَاضِي لان هذا يجوز الاعتياض عنه على لاصح كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (وَأَمَّا) الْعُدُولُ إلَى نَوْعٍ أَدْنَى فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالتَّرَاضِي إلَّا إذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ التَّخْيِيرِ وَكَذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ إذَا وَجَبَتْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015