وإن رادت قِيمَتُهُ عَلَى قِيمَةِ الصَّاعِ أَمْ نَقَصَتْ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَهَذَا الَّذِي نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْجُزْءِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ الْأُمِّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَإِلَيْهِ مَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَالْمَعْنَى فِيهِ قَطْعُ النِّزَاعِ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ عند البيع يختلط بالحادث بعده ويتعذر التميز فَتَوَلَّى الشَّرْعُ تَعْيِينَ بَدَلِهِ قَطْعًا لِلْخُصُومَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْجَوَابِ عَنْ الْوَجْهِ الرَّابِعِ مِنْ أَسْئِلَةِ الْحَنَفِيَّةِ الَّتِي ادَّعَوْا فِيهَا خُرُوجَ الحديث عن القياس (والثاني) أن الواجب يقدر بِقَدْرِ اللَّبَنِ لِرِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ الَّتِي فِيهَا مثل أو مثلى لبنها وعلى هذ فَقَدْ يَزْدَادُ الْوَاجِبُ عَلَى الصَّاعِ وَقَدْ يَنْقُصُ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِالصَّاعِ كَانَ فِي وَقْتٍ عَلِمَ أَنَّهُ يَبْلُغُ مِقْدَارَ اللَّبَنِ فَإِذَا زَادَ زِدْنَا وَإِذَا نَقَصَ نَقَصْنَا وَهَذَا الْوَجْهُ بَعِيدٌ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلِنَصِّ الْحَدِيثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَعْفُ الرِّوَايَةِ الَّتِي تَمَسَّكَ بِهَا وَهَذَانِ الوجهان حكماهما الفورانى والقاضى حسين والشيخ أبو محمد غيرهم مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ هَكَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أنا ننظر إلى قيمة اللبن وتؤدى بِقَدْرِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي السِّلْسِلَةِ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا زَادَ لَبَنُ التَّصْرِيَةِ عَلَى قِيمَةِ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْأَمْرُ كَمَا قال كَلَامَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأُمِّ يُصَرِّحُ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ قَالَ رُدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ كَثُرَ اللَّبَنُ أَوْ قَلَّ كَانَ قِيمَتَهُ أَوْ أقل من قيمته لان ذلك شئ وَقَّتَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّ أَلْبَانَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ مُخْتَلِفَةُ
الْكَثْرَةِ وَالْأَثْمَانِ فَإِنَّ أَلْبَانَ كُلِّ الْإِبِلِ وَكُلِّ الْغَنَمِ مُخْتَلِفَةٌ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا مَحِيصَ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ اللَّبَنِ لَفَاوَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ فَلَمَّا لَمْ يُفَاوِتْ بَيْنَهُمَا وَأَوْجَبَ فِيهِمَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ عُلِمَ قَطْعًا بُطْلَانُ هَذَا الْوَجْهِ وَلَمْ أَرَ لِهَذَا الْوَجْهِ ذِكْرًا فِي طريق العراق عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا فِي كَلَامِهِمْ وَكَلَامِ بَعْضِ الْخُرَاسَانِيِّينَ كَالْغَزَالِيِّ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الصَّاعِ عَلَى قِيمَةِ نِصْفِ الشَّاةِ أو كلها كما سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْلَا أَنَّ الرَّافِعِيَّ