إثْبَاتُ وَجْهَيْنِ لَوْ ثَبَتَا جَمِيعًا عَنْهُ أَوْ قَائِلِينَ وَلَيْسَ الْأَمْرُ هَهُنَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ (فَإِنْ قُلْتَ) مَا ذَكَرْتَ أَنَّ الرَّافِعِيَّ سَكَتَ عَنْهُ مِمَّا حَكَاهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ عَنْ أَبِي اسحق قَدْ شَمِلَهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّ الِاعْتِبَارَ بِغَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ يَعْنِي فِي الْقِيَامِ مَقَامَ التَّمْرِ فَهَذَا هُوَ الْعُدُولُ مِنْ التَّمْرِ إلَى أَعْلَى مِنْهُ (قُلْتُ) لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ أَعْلَى مِنْ التَّمْرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا فِي الِاقْتِيَاتِ وَلَا فِي القيمة فقد يكون بلد غالب قوتها قُوتٌ هُوَ أَدْنَى مِنْ التَّمْرِ قُوتًا وَقِيمَةً وقد نقل الاصحاب عن أبى إسحق أَنَّهُ جَعَلَ تَرْتِيبَ الْأَخْبَارِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ كَمَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَيْهِ فَصَرَّحَ بِالتَّمْرِ فِي حَدِيثٍ وَفِي آخَرَ قَالَ " مِنْ طَعَامٍ " وَأَرَادَ التَّمْرَ وَفِي آخَرَ قَالَ " قَمْحًا " وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْقَمْحُ أَعَزَّ وَرَضِيَ بِذَلِكَ وَحَيْثُ قَالَ " مِثْلُ " أَوْ " مِثْلَيْ لَبَنِهَا " أَرَادَ إذَا كَانَ قَدْرُ ذَلِكَ صَاعًا وَهَذَا التَّرْتِيبُ يُوَافِقُ مَا حَكَاهُ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَغَوِيُّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ عَنْهُ (وَأَمَّا) مَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرَّافِعِيُّ فَلَا يُوَافِقُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ غَيْرِ التَّمْرِ أَصْلًا (فَإِنْ قُلْتَ) مَا الصَّحِيحُ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ (قُلْتُ) الصَّحِيحُ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ التَّمْرُ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ مُصَرِّحَةٌ بِالتَّمْرِ وَاَلَّتِي فِيهَا الطَّعَامُ مُطْلَقًا مَحْمُولَةٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ (وَأَمَّا) حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي فِيهِ الْقَمْحُ فَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ضَعْفِ طَرِيقِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ما تأوله ابن سريج وأبو إسحق عَلَيْهِ فَيَكُونُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ التَّمْرُ لَا شُبْهَةَ فِيهِ لَكِنْ هَلْ يَتَعَيَّنُ وَلَا يَجُوزُ غَيْرُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ أَبِي اسحق أَوْ يَقُومُ مَقَامَهُ مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الْبَاقُونَ هَذَا مَحَلُّ النَّظَرِ وَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الشَّيْخِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015