لكنت أقول أن كلاهما يَرْجِعُ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الْخِيَارَ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنَّهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ مُقَابِلٌ لِوَجْهِ أَبِي حَامِدٍ وَهُمَا الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ لَكِنَّ الْأَصْحَابَ مُطْبِقُونَ عَلَى ذِكْرِ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي إِسْحَاقَ وَابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (التَّنْبِيهُ الثَّامِنُ) أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إذَا عَلِمَ بِالتَّصْرِيَةِ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ " يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إذَا عَلِمَ بِالتَّصْرِيَةِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ وَيُحْتَمَلُ مُطْلَقًا (فَإِنْ) كَانَ الْمُرَادُ الثَّانِيَ فَالْقَوْلُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ الْقَائِلُ بِجَوَازِ الرَّدِّ قَبْلَ الثَّلَاثِ وَبَعْدَهَا عَلَى الْفَوْرِ وَيَكُونُ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ حِينَئِذٍ قَوْلًا ثَالِثًا فِي الْمَسْأَلَةِ لَمْ يتعرض المصنف رحمه الله لِحِكَايَتِهِ (وَإِنْ) كَانَ الْمُرَادُ الْأَوَّلَ وَإِنْ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الثَّلَاثِ خَاصَّةً فَالْقَوْلُ الْمَذْكُورُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِاتِّفَاقِ النَّاقِلِينَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ فَإِنَّهُ يُوَافِقُ عَلَى الرَّدِّ قَبْلَ الثَّلَاثِ عَلَى الْفَوْرِ وَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إلَّا وَجْهَانِ وَتَكُونُ مَسْأَلَةُ الْعِلْمِ بَعْدَ الثَّلَاثِ مَسْكُوتًا عَنْهَا وَفِيهَا أَيْضًا وَجْهَانِ بَيْنَ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي إِسْحَاقَ فهما متفقان قبل الثلاث ويوافق أبا اسحق فِي امْتِنَاعِ الرَّدِّ بَعْدَهَا (التَّنْبِيهُ التَّاسِعُ) أَنَّ اتِّفَاقَ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي إِسْحَاقَ عَلَى جَوَازِ الرَّدِّ عَلَى الْفَوْرِ قَبْلَ الثَّلَاثِ إذَا حصل العلم باقرار البائع وبنيته ظَاهِرٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ لَا يَعْتَبِرُ الْعِلْمَ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ظُهُورِ التَّصْرِيَةِ بِالْحَلْبَةِ وَالْحَلْبَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَمْ يُصَرِّحُوا عَنْهُ في ذلك بشئ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِأَبِي إِسْحَاقَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْحُكْمَ بِإِحَالَةِ تَنَاقُصِ اللَّبَنِ عَلَى التصرية مع