وَالرَّافِعِيُّ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْبَغَوِيَّ وَهُوَ مُعَارَضٌ بالصيمرى والجوزي وَمَعْنَاهُ الدَّلِيلُ مِنْ الْحَدِيثِ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَاعْتَذَرَ الْبَغَوِيّ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ بَنَى الْأَمْرَ عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَقِفُ عَلَى التَّصْرِيَةِ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَيُحْمَلُ نُقْصَانُ اللَّبَنِ فِي الْيَوْمَيْنِ عَلَى تَبَدُّلِ الْمَكَانِ وَتَفَاوُتِ الْعَلَفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا الِاعْتِذَارُ يُوَافِقُ قَوْلَ أَبِي إِسْحَاقَ (وَأَمَّا) مَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ مِنْ أَنَّهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ إذَا اطَّلَعَ قَبْلَ مُضِيِّ الثَّلَاثِ فَلَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ عَلَى الْغَالِبِ لَقَالَ " فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثلاثة أيام " فإذا هذا العذر مع تصحيح هَذَا الْوَجْهِ لَا يَجْتَمِعَانِ اجْتِمَاعًا ظَاهِرًا لَكِنْ هَهُنَا تَنْبِيهَاتٌ (إحْدَاهَا) مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مستندا لابي إسحق وابن أبى هريرة (أما) أبو إسحق فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُ الْحَدِيثَ بِاللَّفْظِ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَلِكَ أَوْرَدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي كُتُبِهِمْ الْفِقْهِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُهُ " فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا ثَلَاثًا " فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا ثَلَاثَ حَلَبَاتٍ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فَلَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الثَّلَاثِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَلَا يَمْتَدُّ بَعْدَ الثَّلَاثِ بَلْ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إنَّمَا دَلَّ عَلَى مُطْلَقِ الْخِيَارِ حِينَئِذٍ فَلَا يَمْتَدُّ لِأَمْرَيْنِ

(أَحَدُهُمَا)

عَدَمُ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ الْمَلْزُومُ

(وَالثَّانِي)

الْقِيَاسُ عَلَى مَا سِوَاهُ مِنْ الْعُيُوبِ لَكِنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذِهِ الرواية لم تصح ولا رأيتها في شئ مِنْ الرِّوَايَاتِ فَتَعَذَّرَ هَذَا الْبَحْثُ وَبِتَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثًا مُتَعَلِّقٌ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ وَيَكُونُ الْحَلْبُ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالثَّلَاثِ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا التَّصْرِيحُ بِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ ثَلَاثًا لَكِنِّي سَأُنَبِّهُ فِي التَّنْبِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015