مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمُصَرَّاةَ قَدْ تُعْرَفُ تَصْرِيَتُهَا بَعْدَ أَوَّلِ حَلْبَةٍ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَفِي يَوْمَيْنِ حَتَّى لَا يَشُكَّ فِيهَا فَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ إنَّمَا هُوَ لِيَعْلَمَ اسْتِبَانَةَ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ أَشْبَهَ أَنْ يُقَالَ الْخِيَارُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ قَصُرَ كَمَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْعَيْبِ إذَا عَلِمَهُ بِلَا وَقْتٍ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ قَصُرَ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عن نصه في الاملاء أيضا ونقله الجوزى وَابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ صَرِيحًا وَلَمْ يذكر الجوزى غَيْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَمَلًا بِالْحَدِيثِ وَيَقْتَضِي إيرَادُ الرُّويَانِيِّ فِي الْبَحْرِ وَابْنِ سُرَاقَةَ فِي بَيَانِ مالا يشع جَهْلُهُ وَالشَّاشِيُّ فِي الْحِلْيَةِ تَرْجِيحَهُ وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ وَقَطَعَ بِهِ الْقُشَيْرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ مَعَ احْتِمَالٍ فِي كَلَامِهِ وَالْخِيَارُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ خِيَارَ تَرْوِيَةٍ كَخِيَارِ الشُّفْعَةِ عَلَى قَوْلٍ

وَكَخِيَارِ الشَّرْطِ

(وَالثَّانِي)

وَهُوَ أَنَّهُ على الفور على قول أبى على ابن أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الْفَارِقِيُّ تِلْمِيذُ الْمُصَنِّفِ وَالْبَغَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ وَالرَّافِعِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ فِي الْكَافِي وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي الِانْتِصَارِ (وَقَالَ) الرويانى في الحيلة إنَّهُ الْقِيَاسُ وَالِاخْتِيَارُ وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى جواز الرد إذا اطلع على النصرية فِي الثَّلَاثِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي كَوْنِهِمَا عَلَى الْفَوْرِ أَوْ يَمْتَدُّ إلَى آخِرِهَا وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهٌ ثَالِثٌ قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ قَبْلَ انْقِضَاءِ الثَّلَاثِ وَلَا بَعْدَهَا أَيْضًا وَإِنَّمَا لَهُ الرَّدُّ عِنْدَ انْقِضَاءِ الثَّلَاثِ وَهَذَا الْوَجْهُ بَعِيدٌ وَهَكَذَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِتَحْرِيرِ هَذِهِ الْأَوْجُهِ

* وَاعْلَمْ أَنَّ بَيْنَ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ اشْتِرَاكًا وَافْتِرَاقًا وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ يَشْتَرِكَانِ فِي اعْتِبَارِ الثَّلَاثِ فِي التَّصْرِيَةِ فَهِيَ ثَابِتَةٌ بِالشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَيَفْتَرِقَانِ فَأَبُو إِسْحَاقَ يَقُولُ الْمَقْصُودُ بِهَا الْوُقُوفُ عَلَى عَيْبِ التَّصْرِيَةِ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ بِحَلْبَةٍ وَلَا بِحَلْبَتَيْنِ فَإِذَا حَصَلَتْ الْحَلْبَةُ الثَّالِثَةُ عُرِفَ الْحَالُ وَكَانَ له حِينَئِذٍ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْفَوْرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015