تَغْرِيرٍ فِعْلِيٍّ كَالتَّصْرِيَةِ أَوْ نَصٍّ عُرْفِيٍّ كَالْعَيْبِ فَإِنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ أَوْ الْتِزَامٍ شَرْطِيٍّ كَشَرْطِ الْكِتَابَةِ وَنَحْوِهِ إذَا خَرَجَ بِخِلَافِهِ وَقَدْ ضَمَّنَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْبَابَ هَذِهِ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ على هذا الترتيب وقدم التصرية لانها هي الْمَنْصُوصُ عَلَيْهَا وَذَكَرَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَاسَهُ عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَقَدْ ورد فِيهِ حَدِيثًا نَصًّا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثم ذكره بَعْدَهُ خِيَارَ الْخُلْفِ الَّذِي يَثْبُتُ بِفَوَاتِ الِالْتِزَامِ الشَّرْطِيِّ وَجُعِلَ مُؤَخَّرًا عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ (إمَّا) لِأَنَّهُ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ أَيْضًا أَعْنِي الرَّدَّ
بِالْعَيْبِ (وَإِمَّا) لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ أَكْثَرُ وُقُوعًا وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا ثَبَتَا بِالْقِيَاسِ عَلَى التَّصْرِيَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْلَا التَّصْرِيَةُ وَرَدَ فِيهَا النَّصُّ لَكَانَ يَقْتَضِي أَنْ يُقَدَّمَ الِالْتِزَامُ الشَّرْطِيُّ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ بِالشَّرْطِ أَوْكَدُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مِنْ الْمُلْتَزَمِ بِالْعُرْفِ أَوْ بِقَرِينَةِ الْحَالِ وَلِذَلِكَ قَالَ الْغَزَالِيُّ إنَّ الِالْتِزَامَ الشَّرْطِيَّ هُوَ الْأَصْلُ وَمَا عَدَاهُ مُلْحَقٌ بِهِ يُشِيرُ إلَى هَذَا الْمَعْنَى فَكَانَ ذَلِكَ كَنَصٍّ فِي فَرْعٍ لَيْسَ فِيهِ إلَّا أَصْلٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِذَلِكَ حُكْمُ ذَلِكَ الْأَصْلِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّ حُكْمَ الْفَرْعِ مَأْخُوذٌ مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوصًا وَهَذَا الْمَعْنَى ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى فَرْعٍ يَكُونُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ (وَأَمَّا) اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّرْجَمَةِ عَلَى الْمُصَرَّاةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَسُكُوتُهُ عَلَى خِيَارِ الْخُلْفِ وَإِنْ كَانَ الْخُلْفُ لَيْسَ بِعَيْبٍ ولكنه فوات فضيلة فلاجل استوائهما فِي النَّقْصِ فِيهِ بِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلِأَنَّ التَّصْرِيَةَ وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَرْعَانِ لِأَصْلٍ بِالْمَعْنَى الَّذِي لَحَظَهُ الْغَزَالِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ فَذِكْرُهُمَا فِي التَّرْجَمَةِ مُنَبِّهٌ عَلَى أَصْلِهِمَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَوَضَعَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْبَابَ لِأَنَّهُ فَرْعٌ مِنْ الْأَبْوَابِ الْمُتَضَمِّنَةِ شُرُوطَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا فِي بَابِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشُرُوطُهُ فِي الرِّبَوِيَّاتِ وَبَيْعِ الثِّمَارِ أَخْذٌ فِي أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَاسْتِدْرَاكُ مَا يَقَعُ فِي المبيع مِنْ الْعَيْبِ بِالْفَسْخِ أَوْ بِالْأَرْشِ " وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَقَرَةً " لِيَتَبَيَّنَ أَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ مَقْصُورٍ على الابل والغنم اللذين تضمنهما الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرَهُ بَلْ هُوَ شَامِلٌ إمَّا بالقياس إذا اقتصر على الحديث الذى أوره الْمُصَنِّفُ وَذَلِكَ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى لِأَنَّ لَبَنَ الْبَقَرِ أَغْزَرُ وَأَكْثَرُ بَيْعًا مِنْ لَبَنِ الْإِبِلِ