والمذهب ان السقى عل الْبَائِعِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ لِلْقَدِيمِ كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ وُجُوبَ السَّقْيِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إذَا بَاعَهَا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ (أَمَّا) إذَا بَاعَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ بَعْدَ الصَّلَاحِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ حَكَوْا طَرِيقَةً قَاطِعَةً عَنْ الْقَفَّالِ فِيمَا إذَا بَاعَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَنَّهَا مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي قَالُوا إذْ لَا يجب السقى على الْبَائِعِ هُنَا فَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا وَعَدَمُ رَدِّهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ لَكِنْ لَنَا طَرِيقَةٌ أُخْرَى هُنَاكَ قَاطِعَةٌ بِأَنَّهَا مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَطَرِيقَةٌ وَهِيَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ أَنَّهَا عَلَى الفولين فيحتمل ان يكون أصحاب هاتين الطريقين يُوجِبُونَ السَّقْيَ أَيْضًا وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ الْإِبْقَاءَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صُورَةُ شَرْطِ الْقَطْعِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ وُجُوبِ السَّقْيِ وَيَتَعَيَّنُ الْقَطْعُ بِهَذَا لِأَنَّهُ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْقَطْعِ فَكَيْفَ نُوجِبُ عَلَيْهِ السَّقْيُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّقْيُ فِي مُدَّةِ طَلَبِ الْقَطْعِ إذَا خِيفَ مِنْ تَرْكِهِ الْفَسَادُ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ وَهَذَا بَعِيدٌ أَيْضًا كَمَا لَوْ اشْتَرَى حَيَوَانًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ فِي مُدَّةِ طَلَبِهِ بِالتَّسْلِيمِ الْقِيَامُ بِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ نَصْبُ النَّاطُورِ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ وَضْعِ الْجَوَائِحِ.
(فَرْعٌ)
إلَى مَتَى يَنْتَهِي الزَّمَانُ الَّذِي يَجِبُ فيه السقي يجئ مِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْإِمَامِ وَغَيْرِهِمَا على ما سنحكيه في مسألة وضع الحوائح ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ (أَصَحُّهَا) أَنَّهُ إلَى أَوَانِ الْجُذَاذِ (وَالثَّانِي) يَتَأَخَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ زَمَانًا لَا يُنْسَبُ الْمُشْتَرِي فِيهِ إلَى تَوَانٍ بِتَرْكِ الثِّمَارِ عَلَى الْأَشْجَارِ (وَالثَّالِثُ) بِنَفْسِ الْجُذَاذِ وَهَذَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ فِي السَّقْيِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْإِمَامُ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ مُبَيَّنًا هُنَاكَ.