عَصْرُونٍ يَدُورُ فِيهَا الْمَاءُ الْحُلْوُ وَيَصْفُو لَوْنُهَا وَقَوْلُهُ يَشْتَدُّ أَيْ يَصْلُبُ وَيَقْوَى وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ حَتَّى يُطْعِمَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَيُقَالُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَبَطَهُ ابْنُ الْبَدْرِيِّ أَنَّهُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْعَيْنِ أَيْضًا وَهِيَ خَطَأٌ قَالَ مَعْنَاهُ حَتَّى تَصِيرَ طُعْمًا وَقِيلَ تَبْلُغُ حِينَ تُطْعَمُ وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثُ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ وَعَنْ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ) وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ لِأَنَّ وَقْتَ اشْتِدَادِهِ وَقْتُ مَبَادِي بَيَاضِهِ (أَمَّا) الْأَحْكَامُ فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَفْسِيرِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ فِي الثَّمَرِ بِطُلُوعِ الثُّرَيَّا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ أَنْ يُوجَدَ فِي الثَّمَرَةِ مَا يُؤْكَلُ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَرَوَيْنَا ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَرُوِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ أَنَّ بُدُوَّ

الصَّلَاحِ بِقُوَّةِ الثَّمَرَةِ وَاشْتِدَادِهَا وَعِنْدِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ مُحَقَّقٍ يَرْجِعُ إلَى مَعْنًى وَكَانَ ابْنُ عمر نما أَطْلَقَ طُلُوعَ الثُّرَيَّا لِأَنَّهُ أَوَانُ طِيبِ الثَّمَرَةِ غَالِبًا عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَتَبَايُنُ الْأَلْفَاظِ عَنْ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِي إثْبَاتِ اخْتِلَافٍ وَمَذْهَبُنَا أَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ يَرْجِعُ إلَى تَغَيُّرِ صِفَةٍ فِي الثَّمَرَةِ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ وَهُوَ عَلَى اختلافه راجع إلى شئ وَاحِدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا وَهُوَ طِيبُ الْأَكْلِ وَفِي ذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فَإِنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ اعْتَبَرَ الِاشْتِدَادَ فِي الْحَبِّ وَالِاسْوِدَادَ فِي الْعِنَبِ وَالزَّهْوَ فِي الثَّمَرَةِ وَحَدِيثَ جَابِرٍ دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الطَّعْمِ فِي الثَّمَرَةِ وَهِيَ تَشْمَلُ الْعِنَبَ وَغَيْرَهُ فَيَكُونُ اعْتِبَارَ الِاسْوِدَادِ وَشَبَهِهِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلطَّعْمِ لَا لِعَيْنِهِ فَلِذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015